للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا من قبيل المبالغة وربط‍ الأشياء بأقصى ما يمكن تصوره في الدّلالة على قدرة الله تعالى على الإحياء والإعادة.

وبعد استبعاد الإعادة استبعدوا حدوثها كما قال تعالى:

{فَسَيَقُولُونَ: مَنْ يُعِيدُنا؟.}. أي فسيقولون لك يا محمد: من يعيدنا إلى الحياة إذا كنّا حجارة أو حديدا أو خلقا آخر شديدا، فقل لهم: المعيد هو الذي خلقكم ولم تكونوا شيئا مذكورا، ثم صرتم بشرا عديدين منتشرين في الدّنيا، فإنه سبحانه وتعالى قادر على إعادتكم، ولو صرتم إلى أي حال: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ، ثُمَّ يُعِيدُهُ، وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} [الرّوم ٢٧/ ٣٠].

والمتوقع حين سماع ذلك هو كما قال تعالى: {فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُسَهُمْ} أي لتأصل إنكار البعث في نفوسهم سيحركون رؤوسهم استهزاء وتكذيبا.

{وَيَقُولُونَ: مَتى هُوَ؟} أي يقولون: متى هذا البعث والإعادة؟ عنّا الحزن [فاطر ٣٤/ ٣٥] وهي رواية ضعيفة، والمراد من الحمد في الأصح كما نحا الطبري: هو حمد الله من النبي على صدق خبره بحدوث القيامة.

{قُلْ: عَسى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً} أي إن ذلك قريب منكم سيأتيكم لا محالة، فكلّ ما هو آت قريب، كما قال سبحانه: {إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَنَراهُ قَرِيباً} [المعارج ٦/ ٧٠ - ٧]. و

قال صلّى الله عليه وآله وسلّم فيما رواه أحمد والشيخان والترمذي عن أنس:

«بعثت أنا والساعة كهاتين» وأشار بالسبابة والوسطى. فقوله تعالى: {عَسى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً} معناه أنه هو قريب؛ لأن {عَسى} واجب، نظيره:

{لَعَلَّ السّاعَةَ قَرِيبٌ} [الشورى ١٧/ ٤٢].

{يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ} أي يكون ذلك البعث يوم يدعوكم الرّب تبارك وتعالى، فتستجيبون له من قبوركم حامدين طائعين منقادين، وتقومون كلكم إجابة لأمره وطاعة لإرادته، وهذا مبالغة في انقيادهم للبعث فقوله تعالى:

<<  <  ج: ص:  >  >>