للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا.. وقد ذكرت قصة آدم في سبع سور: البقرة، الأعراف، الحجر، الإسراء، الكهف، طه، ص.

التفسير والبيان:

واذكر أيّها الرسول للنّاس عداوة إبليس لآدم وذريته، وأنها عداوة قديمة منذ خلق آدم، والدليل أنه تعالى أمر الملائكة بالسّجود لآدم سجود تحيّة ومحبّة وتكريم، لا سجود عبادة وخضوع، فسجدوا كلّهم إلا إبليس استكبر وأبى أن يسجد له، افتخارا عليه واحتقارا له، قائلا: أأسجد له وهو طين، وأنا مخلوق من النار، كما أخبر تعالى عنه: {قالَ: أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [ص ٧٦/ ٣٨].

وقال هنا جرأة وكفرا: {قالَ: أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ} أي أخبرني عن هذا الذي فضّلته: لم كرّمته علي، وأنا خير منه؟ فإنه نسب الجور إلى ربّه في زعمه أنه أفضل من آدم بسبب عنصر الخلق، فإن عنصر النار أسمى وأرفع، وعنصر الطين أدنى وأقرب للخمول، والحقيقة أن العناصر كلها من جنس واحد، أوجدها الله، بل إن الطين أنفع من النار، فبالأول البناء والعمران، وبالثاني الخراب والهدم والدّمار.

{لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاّ قَلِيلاً} أي قسما لئن أبقيتني إلى يوم القيامة لأستأصلنّ ذريته بالإغواء، ولأستولينّ عليهم بالإضلال جميعا، أو لأضلنّ ذريته إلا قليلا منهم، وهم العباد المخلصون الذين وصفهم الله تعالى بقوله: {إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ} [الحجر ٤٢/ ١٥] أي إن عبادي الصالحين لا تقدر أن تغويهم.

فأجابه الله إلى طلبه حين سأل التأخير وأخّره:

{قالَ: اِذْهَبْ، فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ.}. أي امض لشأنك الذي اخترته

<<  <  ج: ص:  >  >>