للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَشْهُوداً} تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار، أو شواهد القدرة من تبدل بالظلمة الضياء، وبالنوم اليقظة والحركة، وبهذا تكون الآية جامعة الصلوات الخمس.

{فَتَهَجَّدْ بِهِ} فصل صلاة التهجد، والضمير للقرآن. والتهجد: ترك الهجود أي النوم للصلاة، أي الاستيقاظ‍ من النوم للصلاة {نافِلَةً لَكَ} فريضة زائدة لك على الصلوات المفروضة، أو فضيلة لك، لاختصاص وجوبه بك، دون أمتك {أَنْ يَبْعَثَكَ} يقيمك {رَبُّكَ} في الآخرة {مَقاماً مَحْمُوداً} يحمدك فيه الأولون والآخرون، وهو مقام الشفاعة العظمى في فصل القضاء؛ لما

روى أبو هريرة رضي الله عنه أنه عليه الصلاة والسلام قال: «هو المقام الذي أشفع فيه لأمتي».

{أَدْخِلْنِي} المدينة {مُدْخَلَ صِدْقٍ} إدخالا مرضيا لا أرى فيه ما أكره {وَأَخْرِجْنِي} من مكة {مُخْرَجَ صِدْقٍ} إخراجا لا ألتفت بقلبي إليه {سُلْطاناً نَصِيراً} قوة تنصرني بها على أعدائك، والسلطان: الحجة البينة، والنصير: الناصر والمعين {وَقُلْ} عند دخولك مكة {جاءَ الْحَقُّ} الإسلام {وَزَهَقَ الْباطِلُ} ذهب أو بطل وزال، أو اضمحل الشرك والكفر {زَهُوقاً} مضمحلا زائلا. روى الشيخان عن ابن مسعود أنه عليه الصلاة والسلام دخل مكة يوم الفتح، وفيها ثلاث مائة وستون صنما، فجعل يطعنها بعود في يده، ويقول ذلك-أي {جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ} -حتى سقطت، وبقي صنم خزاعة فوق الكعبة، وكان من صفر-نحاس-فقال:

يا علي، ارم به، فصعد، فرمى به وكسره.

{وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ} {مِنَ}: لبيان الجنس وقيل: للتبعيض {ما هُوَ شِفاءٌ} من الضلالة {وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} به، والمعنى على أن {مِنَ} للبيان فإن كله كذلك: ننزل القرآن الذي فيه تقويم دينهم واستصلاح نفوسهم، كالدواء الشافي للمرضى، والمعنى على أن {مِنَ} للتبعيض: أن منه ما يشفي من المرض كالفاتحة وآيات الشفاء. {وَلا يَزِيدُ الظّالِمِينَ إِلاّ خَساراً} ولا يزيد الكافرين إلا خسارة، لتكذيبهم وكفرهم به.

{وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ} بالصحة والسعادة على جنس الإنسان، وقيل: الكافر {أَعْرَضَ} عن الشكر وعن ذكر الله {وَنَأى بِجانِبِهِ} لوى جانبه (عطفه) عن الطاعة وولاه ظهره متبخترا {وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ} من مرض أو فقر أو شدة {كانَ يَؤُساً} قنوطا من رحمة الله أو شديد اليأس من روح الله.

{قُلْ: كُلٌّ} قل يا محمد: كل منا ومنكم {يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ} مذهبه وطريقته التي تشاكل حاله في الهدى والضلالة، فالشاكلة: الطبيعة والعادة والدين {أَهْدى سَبِيلاً} أسدّ طريقا وأقوم منهجا، فيكافئه حسبما يستحق.

{وَيَسْئَلُونَكَ} أي اليهود {عَنِ الرُّوحِ} أي عن ماهيتها وحقيقتها وهي ما يحيى به

<<  <  ج: ص:  >  >>