للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما ذكر تعالى أنه واحد، وإن تعددت أسماؤه، أمر الله تعالى نبيه أن يحمده على ما أنعم به عليه من شرف الرسالة والاصطفاء، ووصف نفسه بأنه لم يتخذ ولدا، للرد على اليهود والنصارى والعرب الذين عبدوا الأصنام، وجعلوها شركاء لله، والعرب الذين عبدوا الملائكة واعتقدوا أنهم بنات الله، فنفى الولد أولا، ثم نفى الشريك في ملكه، ثم نفى الولي وهو الناصر، والشريك أعم من الولد، والولي الناصر أعم من نسبة الولد والشريك، فهو أعم من أن يكون ولدا، أو شريكا أو غير شريك.

التفسير والبيان:

هذا رد على المشركين الذين أنكروا إطلاق اسم الرحمن على الله عز وجل، فقال: {قُلِ: اُدْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ.}. أي قل يا محمد لهؤلاء المشركين في مكة المنكرين صفة الرحمة لله تعالى، المانعين من تسميته بالرحمن: لا فرق في دعائكم لله باسم الله أو باسم الرحمن فإنه ذو الأسماء الحسنى. قال في الكشاف: الله والرحمن المراد بهما الاسم، لا المسمى، وأو للتخيير، فمعنى {اُدْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ} سموا بهذا الاسم أو بهذا، واذكروا إما هذا، وإما هذا، والدعاء بمعنى التسمية، لا بمعنى النداء (١).

وقوله {أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى} التقدير: أيّ هذين الاسمين سميتم وذكرتم، فكل أسمائه حسنى، فيها تعظيمه وتقديسه، كما قال: {لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى، يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} [الحشر ٢٤/ ٥٩] فأي اسم تدعونه به فهو حسن.

ثم أرشد الله إلى كيفية القراءة والدعاء، فقال:

{وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً} أي ولا تجهر


(١) الكشاف: ٢٤٩/ ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>