للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بقراءة صلاتك، حتى لا يسمع المشركون فيسبوا القرآن، ويسبوا من أنزله، ومن جاء به، ولا تخافت بها عن أصحابك، فلا تسمعهم القرآن حتى يأخذوه عنك، وابتغ بين الجهر والمخافتة سبيلا وسطا، فهذه هي الطريقة المثلى في القراءة، وهي الحد الوسط‍ بين الجهر بالصوت والإسرار والإخفات فيه، ففي الجهر حتى لا يتفرقوا عنه ويأبوا أن يسمعوا منه، أو يسبوا القرآن، وفي الإسرار ليسمع من أراد السماع فينتفع به.

ثم علّمنا تعالى كيفية الحمد، فقال:

{وَقُلِ: الْحَمْدُ لِلّهِ..}. أي وقل: لله الحمد والشكر على ما أنعم على عباده، وهو الموصوف بالصفات الثلاث التالية لتنزيه نفسه عن النقائص:

الأولى-إنه لم يتخذ ولدا: فهو غير محتاج إليه، واتخاذ الولد من صفات الحوادث، وهو منزه عنها. وفي هذا رد على اليهود القائلين: عزيز ابن الله، والنصارى القائلين: المسيح ابن الله.

الثانية-ليس له شريك في الملك والسلطان: لأنه أيضا غير محتاج إليه، ولو احتاج إلى شريك لكان عاجزا، ولأن تعدد الآلهة يؤدي إلى الفساد والنزاع:

{لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللهُ لَفَسَدَتا} [الأنبياء ٢٢/ ٢١]. ولم يعرف المستحق للعبادة والحمد والشكر.

الثالثة: لم يكن له ولي من الذل: أي ليس بذليل حتى يوالي أحدا لمذلة، من ولي أو وزير أو مشير، بل هو تعالى خالق الأشياء وحده لا شريك له، ومدبرها ومقدرها بمشيئته (١).

ومجموع هذه الصفات في قوله سبحانه:


(١) تفسير الرازي: ٧١/ ٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>