للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واجب شكر النعمة، واجعل همتك فيما عند الله، فقد آتاك ربك خيرا مما آتاهم، فقد يسر لك رزقك في الدنيا، وثواب الله وما ادخر لك في الآخرة خير مما رزقهم في الدنيا على كل حال، كما قال تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ، لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ، وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ، وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الحجر ٨٧/ ١٥ - ٨٨] وليس المقصود بالآيتين التكاسل عن طلب الرزق، ولكن النهي عن تمني مثل ما في يد الكفار والعصاة من حطام الدنيا، والانشغال بها، وترك العمل للآخرة، بل إننا نعمل للآخرة والدنيا معا.

ثم أمره الله بأن يأمر أهله بالصلاة، فقال:

{وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها، لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً، نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى} أي وأمر أيها الرسول أهل بيتك واستنقذهم من عذاب الله بإقام الصلاة، واصبر أنت على فعلها وحافظ‍ عليها، لا نطلب منك رزقا ترزق نفسك وأهلك ولا نكلفك الطلب، بل تفرغ للعبادة والتقوى، فنحن نرزقك ونرزقهم: {إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات ٥٨/ ٥١]، والعاقبة المحمودة، وهي الجنة لأهل التقوى والطاعة.

فإذا أقمت الصلاة مع أهلك، أتاك الرزق من حيث لا تحتسب، كما قال تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} [الطلاق ٢/ ٦٥ - ٣]. وأمر النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وأهله بالصلاة أمر للأمة قاطبة.

أخرج مالك والبيهقي عن أسلم قال: كان عمر بن الخطاب يصلي من الليل ما شاء الله تعالى أن يصلي حتى إذا كان آخر الليل، أيقظ‍ أهله للصلاة ويقول لهم: الصلاة الصلاة، ويتلو هذه الآية.

وأخرج ابن أبي حاتم وابن المنذر والطبراني وأبو نعيم في الحلية عن

<<  <  ج: ص:  >  >>