للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي عظة للذين معي أي أمتي، وعظة للذين من قبلي أي أمم الأنبياء السابقين عليهم السلام. وبذلك اتفق القرآن وجميع الكتب السماوية السابقة على الأمر بالتوحيد والنهي عن الشرك، وهذا تبكيت للمشركين يتضمن نقيض مدّعاهم.

{بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ} أي بل أكثر هؤلاء المشركين لا يعرفون الحق، ويعرضون عنه، ولا يميزون بين الحق والباطل، فلا تنفع فيهم الأدلة والبراهين.

{فَهُمْ مُعْرِضُونَ} أي فهم لجهلهم معرضون عن قبول الحق وعن النظر المؤدي إليه. وهذا دليل على أن الجهل أو عدم العلم هو أصل الشر والفساد كله، وأنه يترتب على عدم العلم الإعراض عن استماع الحق وطلبه.

وتأكيدا لمضمون الكتب والرسالات السماوية بالتوحيد ونبذ الشرك قال:

{وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ.}. أي لم نرسل رسولا سابقا من عهد آدم عليه السلام إلى قومه إلا أوحينا إليه ألا معبود إلا الله، فاعبدوه مخلصين له العبادة، وخصوه بالألوهية، فرسالات جميع الأنبياء قائمة على التوحيد، وكل نبي بعثه الله يدعو إلى عبادة الله وحده لا شريك له.

ونظير الآية قوله تعالى: {وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا، أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ} [الزخرف ٤٥/ ٤٣] وقوله سبحانه: {وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ، وَاجْتَنِبُوا الطّاغُوتَ} [النحل ٣٦/ ١٦].

والخلاصة: أنه لا دليل للمشركين على ما زعموا، فلا برهان لهم، وحجتهم داحضة؛ لأن الفطرة تشهد بتوحيد الله، وكذلك العقل السليم، ورسالات جميع الأنبياء متحدة في دفع الشرك وإقرار التوحيد.

وبعد التنزيه عن الشريك، نفى تعالى اتخاذ الولد فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>