للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما سبب إدخال المعبودين في النار: فهو كما أبان الزمخشري (١) ليزداد العابدون بهم غمّا وحسرة، وليكونوا أبغض شيء لديهم بعد أن اتخذوهم في الدنيا شفعاء لهم في الآخرة.

ثم ذكر تعالى دليل كون المعبودين غير آلهة فقال:

{لَوْ كانَ هؤُلاءِ آلِهَةً ما وَرَدُوها} أي لو كان هؤلاء الأصنام وأشباههم آلهة صحيحة تنفع وتضر كما يظن العابدون ما دخلوا النار، إذ لو كانت تنفع وتضر لأبعدت الضر عن نفسها، فهي جديرة بالهجرة والإهانة.

{وَكُلٌّ فِيها خالِدُونَ} أي وكل من هؤلاء الآلهة المعبودين دائمون في عذاب النار، لا مخرج لهم منها.

{لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَهُمْ فِيها لا يَسْمَعُونَ} أي ولهم في النار من شدة العذاب وشدة الكرب والغم أنين وتنفس شديد يخرج من أقصى الجوف، كما قال تعالى:

{لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ} [هود ١٠٦/ ١٠] وهم لا يسمعون فيها ما يسرهم أو ينفعهم، بل يسمعون صوت من يتولى تعذيبهم من الزبانية.

وبعد بيان أحوال أهل النار، ذكر الله تعالى أحوال السعداء من المؤمنين فقال: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ} أي إن الذين سبقت لهم من الله السعادة، وأسلفوا الأعمال الصالحة في الدنيا، فهم مبعدون عن دخول النار، وهم في الجملة: أهل السعادة أو البشرى بالثواب، أو التوفيق للطاعة، كما قال تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ} [يونس ٢٦/ ١٠].

يروى أن عليا رضي الله عنه قرأ هذه الآية، ثم قال: أنا منهم، وأبو بكر،


(١) الكشاف: ٣٣٨/ ٢

<<  <  ج: ص:  >  >>