للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومثل {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ، وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} [الإسراء ٤٤/ ١٧].

وأما إطلاق المشيئة لله تعالى فيوضحه

ما رواه ابن أبي حاتم عن علي: أنه قيل لعلي: «إن هاهنا رجلا يتكلم في المشيئة، فقال له علي: يا عبد الله، خلقك الله كما يشاء، أو كما شئت؟ قال: بل كما شاء، قال: فيمرضك إذا شاء أو إذا شئت؟ قال: بل إذا شاء، قال: فيشفيك إذا شاء أو إذا شئت؟ قال: بل إذا شاء، قال: فيدخلك حيث شئت أو حيث شاء؟ قال: بل حيث يشاء، قال:

والله، لو قلت غير ذلك، لضربت الذي فيه عيناك بالسيف» (١).

فقه الحياة أو الأحكام:

دلت الآية الأولى على أن الله تعالى يقضي بالعدل بين أهل الأديان المختلفة، وهم المؤمنون بالله وبرسوله صلّى الله عليه وسلم، واليهود: وهم المنتسبون إلى ملة موسى عليه السلام، والصابئون: وهم قوم يعبدون النجوم، والنصارى: وهم المنتسبون إلى ملة عيسى، والمجوس: وهم عبدة النيران القائلون بأن للعالم أصلين: نور وظلمة، والمشركون: وهم العرب ونحوهم عبدة الأوثان. هذه الفرق الست: خمسة منها للشيطان، وواحدة منها للرحمن. وإنه تعالى يقضي ويحكم بينهم، فللكافرين النار، وللمؤمنين الجنة، إن الله تعالى شهيد على أعمال خلقه وحركاتهم وأقوالهم.

ودلت الآية الثانية على أن القلب والعقل يرى أن جميع ما في العوالم العلوية والسفلية من الكواكب والجمادات والنباتات والإنسان والحيوان يسجد لله تعالى سجود تذلل وانقياد لتدبير الله عز وجل في جميع الأحوال من ضعف وقوة، وصحة وسقم، وحسن وقبح، وسجود خضوع لعظمته وسلطانه وجبروته.


(١) تفسير ابن كثير: ٢١١/ ٣

<<  <  ج: ص:  >  >>