للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَلا يَتَساءَلُونَ} أي لا يسأل بعضهم بعضا لاشتغاله بنفسه، وهو لا يناقص قوله: {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ} [الطور ٢٥/ ٥٢] لأن الآية هنا عند النفخة، وذلك بعد المحاسبة ودخول أهل الجنة وأهل النار النار. أو لا يتساءلون عن الأنساب.

{فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ} أي موزوناته بالحسنات من عقائد وأعمال، أي فمن كانت له عقائد وأعمال صالحة يكون لها وزن عند الله وقدر. {فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} الفائزون بالنجاة والدرجات. {وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ} موزوناته بالسيئات، أي ومن لم يكن له وزن وهم الكفار، لقوله تعالى: {فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً} [الكهف ١٠٥/ ١٨]. {خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ} غبنوها حيث ضيعوا زمان استكمالها. {تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النّارُ} تحرقها، واللفح كالنفح إلا أنه أشد تأثيرا.

{كالِحُونَ} عابسون متقلصو الشفاه عن الأسنان، وهذا هو الكلوح.

{أَلَمْ تَكُنْ آياتِي} أي من القرآن، وهذا على إضمار القول أي يقال لهم: {أَلَمْ تَكُنْ}.

{فَكُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ} تأنيب وتذكير لهم بما استحقوا هذا العذاب لأجله. {شِقْوَتُنا} وشقاوتنا بمعنى واحد: ضد السعادة، أي صارت أحوالنا مؤدية إلى سوء العاقبة، والمراد: غلبت علينا لذاتنا وأهواؤنا، وسميت شقوة لأنهما يؤديان إليها. {ضالِّينَ} تائهين عن الحق والهداية. {فَإِنْ عُدْنا} إلى التكذيب. {فَإِنّا ظالِمُونَ} لأنفسنا.

{قالَ} مالك خازن النار {اِخْسَؤُا فِيها} اسكتوا سكوت ذلة وهوان، أو اقعدوا في النار أذلاء {وَلا تُكَلِّمُونِ} في رفع العذاب عنكم. {إِنَّهُ كانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبادِي} أي المؤمنون.

{فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا} هزءا، مثل بلال وصهيب وعمار وسلمان. {حَتّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي} أي خوف عقابي، من فرط‍ تشاغلكم بالاستهزاء بهم. {تَضْحَكُونَ} استهزاء بهم. {جَزَيْتُهُمُ} النعيم المقيم. {بِما صَبَرُوا} بصبرهم على استهزائكم بهم وأذاكم إياهم. {الْفائِزُونَ} الظافرون بمطلوبهم.

المناسبة:

بعد أن قال الله تعالى: {وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} أي إن هناك حاجزا إلى يوم القيامة، ذكر أحوال ذلك اليوم، من عدم الاعتداد بالأنساب، وجعل الحسنات أساس الفوز في الآخرة، والسيئات سبب دخول جهنم.

<<  <  ج: ص:  >  >>