للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النار، وارددنا إلى الدنيا، فإن عدنا إلى مثل ما سلف منا، فنحن ظالمون مستحقون للعقوبة.

فأجابهم الله تعالى بقوله:

{قالَ: اِخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ} أي قال الله للكفار إذا سألوا الخروج من النار والرجعة إلى الدنيا: امكثوا فيها-أي في النار-أذلاء صاغرين مهانين، واسكتوا ولا تعودوا إلى سؤالكم هذا، فإنه لا جواب لكم عندي، ولا رجعة إلى الدنيا.

ثم ذكر سبب عذابهم فقال:

{إِنَّهُ كانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبادِي يَقُولُونَ: رَبَّنا آمَنّا، فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا، وَأَنْتَ خَيْرُ الرّاحِمِينَ} أي إنه كان جماعة من عبادي المؤمنين يقولون: يا ربنا صدقنا بك وبرسلك، وبما جاؤوا به من عندك، فاستر ذنوبنا، وارحم ضعفنا، فأنت خير من يرحم.

{فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي، وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ} أي فما كان منكم إلا أن سخرتم منهم في دعائهم إياي وتضرعهم إلي، حتى حملكم بغضهم على نسيان ذكري، وعدم الاهتمام بشأني، ولم تخافوا عقابي، وكنتم تضحكون استهزاء من صنيعهم وعبادتهم، كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ، وَإِذا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغامَزُونَ} [المطففين ٢٩/ ٨٣ - ٣٠] أي يلمزونهم استهزاء.

ثم أخبر الله تعالى عما جازى به عباده الصالحين فقال:

{إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِما صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفائِزُونَ} أي إني جازيتهم في يوم القيامة بصبرهم على أذاكم لهم واستهزائكم بهم بالفوز بالسعادة والسلامة، والنعيم

<<  <  ج: ص:  >  >>