للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبيّ، فإنه بدأ به وأذاعه عداوة لرسول الله صلّى الله عليه وسلم. {لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ} في الآخرة، أو في الدنيا، بأن جلدوا، وصار ابن أبيّ مطرودا مشهورا بالنفاق، وحسان أعمى وأشل اليدين، ومسطح مكفوف البصر. {لَوْلا} هلا. {ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ} ظن بعضهم ببعض. {إِفْكٌ مُبِينٌ} كذب بيّن واضح، وفيه التفات أي ظننتم أيها العصبة وقلتم {لَوْلا} هلا، للحث على فعل ما بعدها.

{جاؤُ} العصبة. {بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ} شاهدوه. {عِنْدَ اللهِ} في حكمه.

{وَلَوْلا فَضْلُ اللهِ} لولا هنا لامتناع الشيء لوجود غيره، أي لولا فضل الله عليكم في الدنيا بأنواع النعم التي من جملتها الإمهال للتوبة، ورحمته في الآخرة بالعفو والمغفرة، المقرران لكم.

{لَمَسَّكُمْ فِيما أَفَضْتُمْ فِيهِ} لمسّكم عاجلا أيها العصبة فيما خضتم فيه {عَذابٌ عَظِيمٌ} في الآخرة، يستحقر دونه اللوم والجلد.

{إِذْ} ظرف {لَمَسَّكُمْ} أو {أَفَضْتُمْ}. {تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ} أي يرويه بعضكم عن بعض، وأصله: تتلقونه، وهو بمعنى تتلقفونه، فحذف منه إحدى التاءين. {وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً} تظنونه امرأ يسيرا لا إثم فيه، أو لا تبعة فيه. {وَهُوَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمٌ} أي وهو في حكم الله عظيم في الوزر والإثم، والمعنى: هذه ثلاثة آثام مترتبة، علّق بها استحقاق العذاب العظيم وهي تلقي الإفك بألسنتهم، والتحدث به من غير تحقق، واستصغارهم شأنه، وهو عظيم عند الله وفي حكمه.

{ما يَكُونُ لَنا} ما ينبغي لنا وما يصح. {سُبْحانَكَ} تعجب ممن يقول ذلك، وأصله أن يذكر عند كل متعجب، تنزيها لله تعالى من أن يصعب عليه مثله، ثم كثر استعماله في كل متعجب. {بُهْتانٌ} كذب مختلق يبهت السامع، لعدم علمه به. {يَعِظُكُمُ} ينصحكم وينهاكم.

{أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ} كراهة أن تعودوا لمثله، أو في أن تعودوا لمثله. {أَبَداً} ما دمتم أحياء مكلفين. {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} فتتعظون بذلك، فإن الإيمان يمنع عنه.

{وَيُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ} أي يوضح لكم الآيات الدالة على الشرائع ومحاسن الآداب كي تتعظوا وتتأدبوا. {وَاللهُ عَلِيمٌ} بالأحوال كلها، وبما يأمر به وينهى عنه. {حَكِيمٌ} في تدبيره.

{يُحِبُّونَ} يريدون أي العصبة. {أَنْ تَشِيعَ} أن تنتشر وتظهر. {الْفاحِشَةُ} الفعل القبيح المفرط‍ القبح، وهو الزنى. {لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا} مؤلم وهو حد القذف.

{وَالْآخِرَةِ} بدخول النار أو السعير، رعاية لحق الله تعالى. {وَاللهُ يَعْلَمُ} ما في الضمائر، ويعلم انتفاء الفاحشة عن المؤمنين. {وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} أي أنتم أيها العصبة بما قلتم من الإفك لا تعلمون وجودها فيهم.

{وَلَوْلا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ} تكرار لبيان المنة بترك تعجيل العقاب، للدلالة على

<<  <  ج: ص:  >  >>