للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم أمر الله تعالى أن يهاب نبيه صلّى الله عليه وسلم وأن يبجّل وأن يعظم وأن يسود، فقال:

{لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً} أي لا تدعوا رسول الله باسمه بأن تقولوا: يا محمد أو يا ابن عبد الله، ولكن عظموه، فقولوا:

يا نبي الله، يا رسول الله مع التوقير والتعظيم والصوت المنخفض والتواضع، فهذا نهي من الله عز وجل عن مناداة النبي باسمه أو نسبه، وهو الظاهر من السياق، فلا تجعلوا تسميته ونداءه بينكم كما يسمي بعضكم بعضا، ويناديه باسمه الذي سماه به أبواه.

وفي تفسير آخر: لا تقيسوا دعاءه إياكم على دعاء بعضكم بعضا في جواز الإعراض والتساهل في الإجابة والانصراف من مجلسه بغير إذن، فإن المبادرة إلى إجابته واجبة، والرجوع عن مجلسه بغير إذن محرّم.

ثم حذر الله تعالى وأوعد المخالفين تلك الآداب فقال:

{قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً} قد: للتحقيق، أي إنه تعالى يعلم يقينا أولئك الذين ينسلون من المسجد في الخطبة أو من مجلس النبي صلّى الله عليه وسلم خفية، واحدا بعد الآخر، دون استئذان، يتستر بعضهم ببعض أو بشيء آخر، فالله لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء، يعلم البواعث والدواعي، والخفايا والأسرار، والظواهر والأفعال والأقوال. روى أبو داود أن بعض المنافقين كان يثقل عليه استماع الخطبة والجلوس في المسجد، فإذا استأذن أحد من المسلمين، قام المنافق إلى جنبه، يستتر به، فأنزل الله الآية.

{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ} أي فليخش من خالف شريعة الرسول صلّى الله عليه وسلم باطنا وظاهرا، وصدّ وخرج عن أمره وطاعته، وهو سبيله ومنهاجه وطريقته وسنته وشريعته، وهم

<<  <  ج: ص:  >  >>