للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحكمة أو الفائدة من ذلك متنوعة وكثيرة أهمها ما يأتي (١):

أ-تثبيت قلب النبي صلّى الله عليه وسلم والمؤمنين بشريعة الله، والعون على حفظ‍ القرآن وفهمه، وتطبيق أحكامه بنحو دقيق وشامل؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلم كان أميا، وكانت أمته أمية، لا يعرفون القراءة والكتابة، فلو نزل القرآن جملة واحدة، لصعب عليهم ضبطه، وجاز عليهم السهو والغلط‍. ثم إن مشاهدة النبي صلّى الله عليه وسلم جبريل وقتا بعد وقت مما يقوي عزيمته، ويحمله على الصبر في تبليغ الرسالة وتصحيح المسيرة، والصمود في وجه التحديات واحتمال أذى قومه، ومتابعة جهاده.

ب-دفع الحرج عن المكلفين بتكليفهم بأحكام كثيرة مرة واحدة: فلو طولب المؤمنون بتحمل أعباء الشريعة دفعة واحدة، فربما وقعوا في الحرج والمشقة، وصار التنفيذ أمرا صعبا غير سهل ولا يسير.

ج‍ -مراعاة مبدأ التدرج في التشريع: فقد كانت العادات والتقاليد الموروثة، والأعراف العامة مسيطرة في بيئة العرب وغيرهم من الأمم، فلو طولبوا بالإقلاع عما تحكمت فيهم العادات، لنفروا وأعرضوا وقالوا جميعا:

لا نترك هذا الأمر، فكان من الحكمة والمصلحة والنجاح في التربية، وتغيير تلك العادات المستحكمة أو المألوفة أن ينزل القرآن منجّما، ويتدرج في الأحكام من مرحلة إلى أخرى، تتهيأ بها النفوس لقبول الحكم النهائي.

د-معالجة الوقائع والطوارئ والأحداث وإجابة الأسئلة بما هو الأنسب والأوفق: فلو كان التشريع دفعة واحدة، سواء فيما يتعلق بحالة السلم أو حالة الحرب، لانكشفت الخطة، ودبر الأعداء المكايد لتحقيق الغلبة على المسلمين، وهان على أهل الحيلة والمكر التشكيك في مدى صلاحية حكم تشريعي ما.

ثم أبان تعالى تأييد نبيه بالوحي وإبطال حجج المشركين فقال:


(١) انظر وقارن تفسير الرازي: ٧٩/ ٢٤

<<  <  ج: ص:  >  >>