للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {قالُوا: سَلاماً} يعني قالوا سدادا، أو ردوا معروفا من القول.

وقال الحسن البصري: قالوا: سلام عليكم: إن جهل عليهم حلموا، يصاحبون عباد الله نهارهم بما يسمعون.

هاتان صفتان بينهم وبين الناس وهما ترك الإيذاء وتحمل الأذى، ثم ذكر الله تعالى صفاتهم فيما بينه وبينهم فقال:

٣ - التهجد ليلا: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِياماً} أي أن سيرتهم في الليل كسيرتهم في النهار، فنهارهم خير نهار، وليلهم خير ليل، فإذا أمسوا أو أدركوا الليل باتوا ساجدين قائمين لربهم، يصلّون بعض الليل أو أكثره، طائعين عابدين، كما قال تعالى: {كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ، وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذاريات ١٧/ ٥١ - ١٨]، وقال سبحانه: {تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ} [السجدة ١٦/ ٣٢]، وقال عزّ وجلّ: {أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً، يَحْذَرُ الْآخِرَةَ، وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ} [الزمر ٩/ ٣٩].

قال ابن عباس: من صلّى ركعتين أو أكثر بعد العشاء، فقد بات لله ساجدا وقائما.

٤ - الخوف من عذاب الله: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ: رَبَّنَا اصْرِفْ عَنّا عَذابَ جَهَنَّمَ} أي والذين يخافون ربّهم ويدعونه في وجل، ويقولون في حذر: ربّنا أبعد عنا عذاب جهنّم وشدته، كما قال سبحانه: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا، وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ} [المؤمنون ٦٠/ ٢٣]. ثم ذكر تعالى أن علة سؤالهم ودعائهم شيئان:

الأول- {إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً} أي إن عذابا كان ملازما دائما للإنسان العاصي، لزوم الدائن الغريم لمدينه، أو هلاكا وخسرانا لازما.

<<  <  ج: ص:  >  >>