للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - {وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ، فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ} أي وتتخذون بيوتا في الجبال حاذقين في نحتها وبنائها، بطرين فرحين أشرين بها، متنافسين في عمارتها، من غير حاجة إلى السكنى فيها. فاتقوا الله حق التقوى، وأقبلوا على ما ينفعكم في الدنيا والآخرة، من عبادة ربكم الذي خلقكم ورزقكم.

ويلاحظ‍ أن الغالب على قوم هود الذين تقدم وصفهم هو اللذات المعنوية وهي طلب الاستعلاء والبقاء والتفرد والتجبر، والغالب على قوم صالح هو اللذات الحسية المادية، وهي طلب المأكول والمشروب والمساكن الطيبة الحصينة.

٣ - {وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ، الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ} أي ولا تطيعوا أمر الذين أسرفوا على أنفسهم بالمعاصي وارتكاب الخطايا والترف والمجون، وهم كبراؤهم ورؤساؤهم الدعاة لهم إلى الشرك والكفر ومخالفة الحق، وهم الرهط‍ التسعة في أرض ثمود المشار إليهم في آية أخرى: {وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ‍، يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ، وَلا يُصْلِحُونَ} [النمل ٤٩/ ٢٧]. وإنما قال {وَلا يُصْلِحُونَ} بعد قوله {يُفْسِدُونَ} لبيان أن فسادهم خالص، ليس معه شيء من الصلاح، على عكس حال بعض المفسدين المخلوطة أعمالهم ببعض الصلاح.

فأجابوا نبيهم صالحا عليه السلام حين دعاهم إلى عبادة ربهم عز وجل بقولهم: {قالُوا: إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ} أي قال قومه: ثمود، الذي يغلب على الظن أنك أصبحت من المغلوب على عقولهم بكثرة السحر، وصرت من المسحورين، أي إنك في قولك هذا مسحور لا عقل لك، فلا يسمع لرأيك ولا لنصحك.

{ما أَنْتَ إِلاّ بَشَرٌ مِثْلُنا، فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصّادِقِينَ} أي إنك بشر مثلنا، فكيف أوحي إليك دوننا، وتكون نبيا لنا؟ كما قالوا في آية أخرى:

<<  <  ج: ص:  >  >>