للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للرسالة في تقديرهم: السحر والبشرية. وإذا تركت الواو فلم يقصدوا إلا معنى واحدا، وهو كونه مسحرا، ثم قرروا كونه بشرا مثلهم.

٢ - {وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكاذِبِينَ} أي ويغلب على ظننا أنك ممن تعمد الكذب فيما يقول، ولست ممن أرسلك الله إلينا.

وأما الاستخفاف بالتهديد فهو:

{فَأَسْقِطْ‍ عَلَيْنا كِسَفاً مِنَ السَّماءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصّادِقِينَ} أي إن كنت صادقا في تهديدك ووعيدك بأننا سنعذب، فأنزل علينا قطعا من السحاب فيها نوازل العذاب. وما كان طلبهم ذلك إلا لتصميمهم على الجحود والتكذيب والعناد واستبعادهم وقوع العذاب. وبعبارة أخرى: إن كنت صادقا أنك نبي، فادع الله أن يسقط‍ علينا كسفا من السماء. والسماء: السحاب أو المظلة.

وهذا شبيه بما قالت قريش للنبي صلّى الله عليه وسلم فيما أخبر الله عنهم في قوله تعالى:

{وَقالُوا: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً} إلى أن قالوا: {أَوْ تُسْقِطَ‍ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً، أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً} [الإسراء:

٩٠/ ١٧ - ٩٢] وقوله سبحانه: {وَإِذْ قالُوا: اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ، فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ} [الأنفال ٣٢/ ٨].

وهم بهذا ظنوا أنه إذا لم يقع العذاب ظهر كذبه، فأجابهم شعيب عليه السلام: {قالَ: رَبِّي أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ} أي قال شعيب: الله ربي أعلم بعملكم، فيجازيكم عليه، إما عاجلا وإما آجلا، وأما أنا فلا قدرة لي على إنزال العذاب، فإن كنتم تستحقون ذلك جازاكم به، وهو غير ظالم لكم.

وهذا دليل على أنه لم يدع عليهم، بل فوض الأمر في التعذيب إلى الله تعالى، فلما استمروا في التكذيب أنزل الله عليهم العذاب على ما اقترحوا من عذاب يوم الظّلّة، فقال تعالى:

<<  <  ج: ص:  >  >>