للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{ما لا يَفْعَلُونَ} قال عبد الله بن رواحة: قد علم الله أني منهم، فأنزل الله:

{إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا} إلخ السورة.

وأخرج ابن جرير والحاكم عن أبي حسن البرّاد قال: لما نزلت {وَالشُّعَراءُ} الآية، جاء عبد الله بن رواحة، وكعب بن مالك، وحسان بن ثابت، فقالوا: يا رسول الله، والله لقد أنزل الله هذه الآية، وهو يعلم أنا شعراء، هلكنا، فأنزل الله: {إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا} الآية، فدعاهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فتلاها عليهم.

المناسبة:

هذا عود على بدء، فبعد أن أبان الله تعالى استحالة تنزل الشياطين بالقرآن (الآية ٢١٠ وما بعدها) وأثبت أنه تنزيل من رب العالمين، أردف ذلك بأن الشياطين تتنزل على كل كذاب فاجر، لا على الرسول الصادق الأمين، فهو ليس من فئة الكهنة الذين يستمعون إلى الشياطين، كما أنه ليس من فئة الشعراء الغارقين في الخيال، الهائمين في كل واد من فنون القول والكلام، من غير ترجمة للحقيقة، ولا صدق في القلب، وقناعة في العقل، والرسول صلّى الله عليه وسلم لا ينطق إلا بالحق ولا يتكلم إلا بالصدق.

ولما كان إعجاز القرآن من جهة المعنى واللفظ‍، وقد قدح المشركون في المعنى بأنه مما تنزلت به الشياطين، وفي اللفظ‍ بأنه من جنس كلام الشعراء، فإنه تعالى ردّ على القسمين، وبيّن منافاة القرآن لهما، ومخالفة حال الرسول صلّى الله عليه وسلم لحال أصحابهما، فهو ليس بكاهن ولا بشاعر.

التفسير والبيان:

هذه الآيات تتضمن نفي فريتين عن القرآن وعن الرسول صلّى الله عليه وسلم، وهما

<<  <  ج: ص:  >  >>