للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه الحج، لأن ردته أحبطت حجه. وقال الشافعي: لا حج، لأن حجه قد سبق، والردة لا تحبطه إلا إذا مات على كفره.

وهل يستتاب المرتد قبل قتله؟

قال الحنفية: يستحب أن يستتاب المرتد، ويعرض عليه الإسلام، لاحتمال أن يسلم، لكن لا يجب، لأن دعوة الإسلام قد بلغته، ودليلهم أن بعض الصحابة قتلوا في عهد عمر رجلا كفر بالله تعالى بعد إسلامه، ولم يستتيبوه (١).

وقال الجمهور: تجب استتابة المرتد قبل قتله ثلاث مرات،

لأن امرأة يقال لها: «أم مروان ارتدت عن الإسلام، فبلغ أمرها إلى النّبي صلّى الله عليه وسلّم، فأمر أن تستتاب، فإن تابت وإلا قتلت» (٢) وثبت عن عمر وجوب الاستتابة.

وأما ميراث المرتد: فلورثته من المسلمين في رأي علي والحسن البصري وجماعة. ولبيت المال في رأي مالك والشافعي وأحمد،

لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا يرث المسلم الكافر، ولا يرث الكافر المسلم» (٣).

وقال أبو حنيفة: ما اكتسبه المرتد في حال الردة فهو فيء لبيت المال، وما كان مكتسبا في حالة الإسلام، ثم ارتد، يرثه ورثته المسلمون.

وقال أبو يوسف ومحمد وابن شبرمة: ما اكتسبه المرتد بعد الردة فهو لورثته المسلمين.

وبعد معرفة حال المشركين وحكم المرتدين، بين تعالى جزاء المؤمنين المهاجرين (٤) والمجاهدين: وهو استحقاق الفوز والفلاح والسعادة، وإسباغ


(١) رواه مالك في الموطأ والشافعي والبيهقي.
(٢) رواه الدارقطني والبيهقي عن جابر، وإسناده ضعيف.
(٣) رواه أحمد والأئمة الستة عن أسامة بن زيد.
(٤) الهجرة: معناها الانتقال من موضع إلى موضع، وقد كانت في مبدأ الإسلام فرضا من مكة إلى المدينة.

<<  <  ج: ص:  >  >>