للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكان المسلمون يشربونها وهي لهم حلال.

والثانية- {قُلْ: فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنّاسِ} [البقرة ٢١٩/ ٢]، التي نزلت كما بينا باستفتاء عمر ومعاذ ونفر من الصحابة، فشربها قوم، وتركها آخرون.

والثالثة- {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى} [النساء ٤٣/ ٤] نزلت بعد أن دعا عبد الرحمن بن عوف ناسا من الصحابة، فشربوا وسكروا، فأمّ بعضهم، فقرأ: {قُلْ: يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ} «أعبد ما تعبدون» فنزلت، فقلّ بعدها من يشربها، وامتنعوا عن شربها نهارا، لأن أوقات الصلاة متقاربة، وشربوها ليلا.

والرابعة- {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} التي نزلت بعد أن دعا عتبان بن مالك قوما فيهم سعد بن أبي وقاص، فلما سكروا افتخروا وتناشدوا، حتى أنشد سعد شعرا فيه هجاء الأنصار، فضربه أنصاري بلحى بعير، فشجه شجّة موضحة، فشكا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال عمر: «اللهم بيّن لنا في الخمر بيانا شافيا، فنزلت: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} إلى قوله {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة ٩٠/ ٥ - ٩١] فقال عمر: انتهينا يا رب (١).

قال القفّال: والحكمة في وقوع التحريم على هذا الترتيب: أن الله تعالى علم أن القوم كانوا قد ألفوا شرب الخمر، وكان انتفاعهم بها كثيرا، فعلم الله أنه لو منعهم دفعة واحدة لشق عليهم، فلا جرم استعمل في التحريم هذا التدريج وهذا الرفق.

وأما سبب نزول قوله تعالى: {وَيَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ}:

فهو ما

أخرجه ابن أبي حاتم عن ابن عباس: أن نفرا من الصحابة حين أمروا بالنفقة في


(١) تفسير الكشاف: ٢٧٢/ ١

<<  <  ج: ص:  >  >>