للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العظيمة، الذي أحكم كل شيء، وأودع فيه من الحكمة ما أودع.

{إِنَّهُ خَبِيرٌ بِما تَفْعَلُونَ} هذا علة النفخ في الصور والبعث للحساب والجزاء، أي إن الله تعالى عليم بما يفعل عباده من خير وشر، وسيجازيهم عليه أتم الجزاء.

ثم بيّن الله تعالى حال المكلفين السعداء والأشقياء بعد قيام القيامة فقال:

{مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ} أي من جاء مؤمنا بالله وحده لا شريك له، عاملا الصالحات، فله على ذلك الثواب الجزيل عند ربه في جنات النعيم، يأمن من الفزع الأكبر، وهو الخوف من عذاب القيامة، كما قال تعالى: {لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ} [الأنبياء ١٠٣/ ٢١] وقال سبحانه: {أَفَمَنْ يُلْقى فِي النّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ} [فصلت ٤٠/ ٤١] وقال عز وجل: {وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ} [سبأ ٣٧/ ٣٤].

والحسنة: الإيمان والعمل الصالح، وقال ابن عباس والنخعي وقتادة: هي لا إله إلا الله. و {خَيْرٌ} هنا ليس أفعل تفضيل، فليس شيء خيرا من لا إله إلا الله، كما قال عكرمة، وإنما المراد مضاعفة الثواب ودوامه؛ لأن العمل ينقضي، والثواب يدوم، فالخير: الثواب، وقيل: للتفضيل، أي ثواب الله خير من عمل العبد وقوله. و {مَنْ} لابتداء الغاية أي له خير من الخيور، مبدؤه ونشوؤه منها أي من جهة هذه الحسنة. وقد رتب الله على مجيء المكلف بالحسنة شيئين: الثواب والأمن من العذاب.

{وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النّارِ، هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاّ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} أي ومن أشرك بالله وارتكب المعاصي، ومن لقي الله مسيئا لا حسنة له، أو قد رجحت سيئاته على حسناته، كل بحسبه، فيلقى في النار، ويقال لهم أي للكفار والعصاة: هل هذا إلا جزاء عملكم في الدنيا من شرك ومعصية؟

<<  <  ج: ص:  >  >>