للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكبير التي ذهبت تدعوه لأبيها: يا أبت استأجره لرعي هذه الغنم، فإن خير مستأجر هو؛ لأنه القوي على حفظ‍ الماشية والقيام بشؤونها، المؤتمن الذي لا تخاف خيانته.

وصفته بأفضل صفات الأجير: القوة في القيام بالأمر، والأمانة في حفظ‍ الشيء. ومصدر هاتين الصفتين ما شاهدت من حاله، قال لها أبوها: وما علمك بذلك؟ قالت له: إنه رفع الصخرة التي لا يطيق حملها إلا عشرة رجال، وإني لما جئت معه تقدمت أمامه، فقال لي: كوني من ورائي، فإذا اختلف عليّ الطريق، فاقذفي لي بحصاة أعلم بها كيف الطريق لأهتدي إليه.

قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: أفرس الناس ثلاثة: أبو بكر حين تفرس في عمر، وصاحب يوسف حين قال: {أَكْرِمِي مَثْواهُ} وصاحبة موسى حين قالت: {يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ، إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ}.

٦ - مصاهرة موسى لشعيب: {قالَ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ، فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ، وَما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ، سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصّالِحِينَ} أي إن شعيب اقتنع بأن موسى رجل قوي أمين، فقال له: أريد مصاهرتك وتزويجك إحدى هاتين البنتين، فاختر ما تشاء، وهما صفوريا وليا، والمهر: أن ترعى غنمي ثماني سنين، فإن تبرعت بزيادة سنتين، فهو إليك، وإلا ففي الثماني كفاية.

ولا أشاقك بعد ذلك بشيء من المناقشة في الوقت أو غيره، وستجدني صالحا على العموم، ومن ذلك حسن المعاملة، ولين الجانب. وإنما قال: {إِنْ شاءَ اللهُ} للتبرك والاتكال على توفيق الله ومعونته.

فأجابه موسى بقوله:

{قالَ: ذلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ، أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ} أي قال

<<  <  ج: ص:  >  >>