للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَما هُمْ بِحامِلِينَ مِنْ خَطاياهُمْ مِنْ شَيْءٍ؛ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ} أي وإنهم لا يتحملون شيئا من ذنوبهم وأوزارهم، وإنهم لكاذبون فيما قالوه: إنهم يحملون عنهم الخطايا، فهم لا يحملون شيئا؛ لأنه لا يحمل أحد وزر أحد، كما قال تعالى:

{وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلى حِمْلِها لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ، وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى} [فاطر ١٨/ ٣٥] وقال سبحانه: {وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً، يُبَصَّرُونَهُمْ} [المعارج ١٠/ ٧٠ - ١١] وقال جل وعز: {وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى} [الأنعام ١٦٤/ ٦].

ثم أخبر الله تعالى عن عاقبة هذا القول، فقال:

{وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ، وَلَيُسْئَلُنَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَمّا كانُوا يَفْتَرُونَ} أي إن دعاة الكفر والضلال هؤلاء ليحملن يوم القيامة أوزار أنفسهم وأوزار غيرهم الذين أضلوهم من الناس، من غير أن ينقص من أوزار أتباعهم شيئا، كما قال تعالى: {لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ، وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [النحل ٢٥/ ١٦] وكما

جاء في الحديث الصحيح: «من دعا إلى هدى، كان له من الأجر مثل أجور من اتبعه إلى يوم القيامة، من غير أن ينقص من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة، كان عليه من الإثم مثل آثام من اتبعه من غير أن ينقص من آثامهم شيئا» (١)

وفي الصحيح أيضا: «ما قتلت نفس ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها؛ لأنه أول من سنّ القتل»

وثبت أيضا: «من سنّ سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها من غير أن ينقص من وزره شيء». (٢).

وسوف يسألون يوم القيامة سؤال توبيخ وتقريع عما كانوا يكذبون


(١) رواه ابن ماجه في السنن عن أنس بن مالك.
(٢) أخرجه مسلم وغيره عن أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>