للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيها من المؤمنين والكافرين، وإنا لننجي لوطا وأهله وأتباعه المؤمنين به من الهلاك إلا امرأته، فهي من الهالكين؛ لأنها كانت تمالئ القوم على كفرهم وبغيهم وخبائثهم.

ثم قدموا على لوط‍ فدخلوا عليه في صورة شبان حسان، فلما رآهم ضاق بهم، كما حكى تعالى:

{وَلَمّا أَنْ جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ، وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً، وَقالُوا: لا تَخَفْ وَلا تَحْزَنْ، إِنّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلاَّ امْرَأَتَكَ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ} أي ولما جاءت الملائكة الرسل إلى لوط‍ على صورة بشر حسان الوجوه، اغتم بأمرهم، وخاف عليهم من قومه، فقالوا له معرضين بحالهم: لا تخف علينا، ولا تحزن بما نفعله بقومك الأخباث، وإنا جئنا لتعذيبهم، وإنا منجّوك وأتباعك المؤمنين من العذاب، إلا امرأتك، فإنها من الهالكين؛ لتواطئها معهم على الفساد، فكانت تدلهم على ضيوفه، وكانت تدافع عنهم، وترضى بأفعالهم.

ثم وصفوا العذاب بقولهم:

{إِنّا مُنْزِلُونَ عَلى أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ} أي إننا سننزل على أهل قرية «سدوم» عذابا شديدا عظيما من السماء، تضطرب له نفوسهم، بسبب فسقهم.

وكان العذاب هو الزلزلة التي خسفت بهم الأرض، وصار مكان قريتهم بحيرة لوط‍ (البحر الميت) فاقتلع جبريل عليه السلام قراهم من قرار الأرض، ثم رفعها إلى عنان السماء، ثم قلبها عليهم، وأرسل الله الحمم وحجارة من سجيل منضود، مسوّمة عند ربك، وما هي من الظالمين ببعيد، وهم من أشد الناس عذابا يوم المعاد، ولهذا قال تعالى:

{وَلَقَدْ تَرَكْنا مِنْها آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} أي ولقد تركنا من القرية

<<  <  ج: ص:  >  >>