للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يخلقهما عبثا ولهوا ولعبا، وفي ذلك دلالة واضحة على أنه تعالى المتفرد بالخلق والتدبير والألوهية، كما

جاء في رواية عن الله عز وجل: «كنت كنزا مخفيا، فأردت أن أعرف، فخلقت الخلق، فبي عرفوني» إلا أنه لم يصح حديثا، ومعناه صحيح مستفاد من قوله تعالى: {وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلاّ لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات ٥٦/ ٥١].

ولا ينتفع بتلك الدلالات ولا يفهم هذه الأسرار إلا المؤمنون المصدقون بالله ورسوله؛ لأنهم يستدلون بآثار الخلق على وجود المؤثر فيها.

ثم أمر الله تعالى رسوله والمؤمنين بتلاوة القرآن وهو قراءته وإبلاغه للناس للاستزادة من المعرفة الدالة على وجود الله ووحدانيته وقدرته وحكمته فقال:

{اُتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ} أي اقرأ يا محمد ومثلك كل مسلم، وأدم تلاوة هذا القرآن وتبليغه للناس، فإنه إمام ونور، وهدى ورحمة، ودليل خير ونجاة، وعلاج ما استعصى من الأزمات والمحن، وتخطي مراحل اليأس والقنوط‍.

كذلك أمر تعالى بالصلاة قرة عين المؤمن فقال:

{وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ} أي وأدّ أيها النبي وكل مؤمن فريضة الصلاة ونافلتها تامة الأركان والشروط‍، مع الخشوع والخضوع لله، واستحضار خشية الله في جميع مراحلها، فهي تشتمل بمواظبتها على شيئين:

ترك الفواحش والمنكرات، وهي عماد الدين، وصلة بين العبد وربه، ودليل الإيمان واليقين، وفرجة المكروب والمحزون، وسبب لتطهير العبد من آثار الذنوب والمعاصي.

جاء في الحديث الذي أخرجه الطبراني وغيره من رواية عمران وابن عباس مرفوعا: «من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر، لم تزده من الله إلا بعدا»

وروى أحمد والنسائي والحاكم والبيهقي عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال:

«حبّب إلي من دنياكم النساء، والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة».

<<  <  ج: ص:  >  >>