للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحق المنزل من الله، وبيّن المقصود من تنزيله، فقال: {لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ} إذ كانوا أهل الفترة، لعلهم يهتدون بإنذارك إياهم.

التفسير والبيان:

{الم، تَنْزِيلُ الْكِتابِ، لا رَيْبَ فِيهِ، مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ} افتتحت هذه السورة بهذه الأحرف كغالب السور المكية لبيان إعجاز القرآن وعظمته، والرد على المشركين المنكرين نزوله من عند الله، والمكذبين برسالة النبي صلّى الله عليه وسلّم. هذا القرآن العظيم لا شك في أنه منزل من عند الله على قلب محمد صلّى الله عليه وسلّم، فليس بسحر ولا شعر ولا سجع كاهن، وإنما هو كلام رب العوالم جميعهم من إنس وجنّ، وذلك رد على قولهم: {وَقالُوا: أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها، فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} [الفرقان ٥/ ٢٥].

{أَمْ يَقُولُونَ: اِفْتَراهُ، بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ، لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ} أي بل إنهم يقولون زورا وبهتانا: اختلقه وافتعله محمد من عنده، فرد الله عليهم: بل هو الحق الثابت أي هو حق من الله ربه، أنزله إليك لتخوف وتنذر به قوما-أي قريشا ونحوهم-بأس الله وعذابه إن كفروا وعصوا، علما بأنه لم يأتهم نذير قبلك، فتبين لهم طريق الرشاد، ولعلهم يهتدون بإنذارك إياهم.

وهذا إثبات لرسالة محمد صلّى الله عليه وسلّم وبرهان واضح على صدقه، وردّ لقول المشركين: {إِنْ هَذا إِلاّ إِفْكٌ افْتَراهُ، وَأَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ} [الفرقان ٤/ ٢٥].

فقه الحياة أو الأحكام:

يفهم من الآيات أن القرآن الكريم كلام الله الذي لا شك فيه أنه من عند

<<  <  ج: ص:  >  >>