للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلِكَ لَآياتٍ أَفَلا يَسْمَعُونَ} أي أولم يتبين لهؤلاء المكذبين بالرسل كثرة من أهلكنا من الأمم الماضية بتكذيبهم الرسل ومخالفتهم إياهم، وهؤلاء المكذبون يمرون أثناء أسفارهم في مساكن وديار أولئك المكذبين، ويشاهدون آثار تدميرهم كعاد وثمود وقوم لوط‍، لم تبق منهم باقية ولا أثر، كقوله تعالى: {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً} [مريم ٩٨/ ١٩] وقوله: {كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها} [هود ٦٨/ ١١] وقوله: {فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا} [النمل ٥٢/ ٢٧] وقوله: {فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها وَهِيَ ظالِمَةٌ، فَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها، وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ} [الحج ٤٥/ ٢٢].

{إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ أَفَلا يَسْمَعُونَ}؟ أي إن في تدمير أولئك القوم بسبب تكذيبهم الرسل، ونجاة من آمن بهم لدلائل على قدرتنا، وعبرا وعظات يعتبرون ويتعظون بها، فهلا يسمعون عظاتنا، ويتذكرون تذكيرنا لهم، سماع تدبر واتعاظ‍ وتفكر؟ والخلاصة: أن مساكن المهلكين دالة على حالهم.

وبعد بيان القدرة على الإهلاك، بيّن الله تعالى القدرة على الإحياء، فقال:

{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ، فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ، أَفَلا يُبْصِرُونَ} أي أولم يشاهد هؤلاء المكذبون بالبعث أننا قادرون على الإحياء، فنسوق الماء من السماء أو السيول إلى الأرض اليابسة التي لا نبات فيها، فنخرج به زرعا أخضر تأكل منه أنعامهم من التبن والشعير والحشيش، وتتغذى منه أجسامهم، وتتقوى به أبدانهم، أفلا يبصرون هذا بأعينهم، فيعلموا أننا قادرون على الإعادة بعد الموت، كإحياء الأرض بعد موتها؟ ثم ذكر تعالى تساؤل المشركين عن يوم البعث والحشر، فقال:

{وَيَقُولُونَ: مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ} أي ويتساءل هؤلاء

<<  <  ج: ص:  >  >>