للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{لِيَسْئَلَ الصّادِقِينَ} التفات من التكلم للغيبة لتبكيت المشركين وتقبيح فعلهم.

المفردات اللغوية:

{النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} في الأمور كلها في الدين والدنيا، فإنه لا يأمرهم ولا يرضى منهم إلا بما فيه صلاحهم ونجاحهم، فهو أرأف بهم وأعطف عليهم فيما دعاهم إليه مما دعتهم أنفسهم إليه إذ هو يدعو إلى النجاة وأنفسهم تدعوهم إلى الهلاك. {وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ} أي منزّلات منزلة الأمهات في حرمة زواجهن واستحقاق التعظيم، وفيما عدا ذلك فكالأجنبيات، ولذلك قالت عائشة: لسنا أمهات النساء. {وَأُولُوا الْأَرْحامِ} ذوو القرابات. {بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ} في التوارث من الإرث بالحلف والمؤاخاة، وهو نسخ لما كان في صدر الإسلام من التوارث بالهجرة والموالاة في الدين. {فِي كِتابِ اللهِ} فيما فرض الله تعالى وشرع أو في اللوح المحفوظ‍. {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ} بيان لأولي الأرحام، أو صلة لأولي، أي أولو الأرحام بحق القرابة أولى بالميراث من المؤمنين بحق الدين، والمهاجرين بحق الهجرة، وبعبارة أخرى: الإرث بقرابة الرحم مقدم على الإرث بالإيمان والهجرة الذي كان أول الإسلام، فنسخ. {كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً} أي كان المذكور في الآيتين ثابتا في اللوح المحفوظ‍، أو في القرآن.

{وَإِذْ أَخَذْنا} أي واذكر. {مِيثاقَهُمْ} أي عهودهم بتبليغ الرسالة والدعوة إلى الدين القويم، والميثاق: العهد المؤكد. {وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ} أي بأن يعبدوا الله، ويدعوا إلى عبادته، وذكر هؤلاء الأنبياء الخمسة من عطف الخاص على العام؛ لأنهم مشاهير أصحاب الشرائع وأولو العزم من الرسل. وقدم نبينا تعظيما له. {وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً} ميثاقا شديدا عظيم الشأن بالوفاء بواجب التبليغ لما أنزل إليهم من ربهم. وقيل: ميثاقا مؤكدا باليمين.

{لِيَسْئَلَ الصّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ} أي فعلنا ذلك ليسأل الله يوم القيامة أولئك الأنبياء الصادقين الذين صدقوا عهدهم عن صدقهم في تبليغ الرسالة وعما قالوه لقومهم، تبكيتا للكافرين برسالاتهم. {وَأَعَدَّ} تعالى، معطوف على {أَخَذْنا} والمعنى: أن الله أكد على الأنبياء الدعوة إلى دينه، لأجل إثابة المؤمنين، وتبكيت الكافرين، وأعد للكافرين بهم عذابا مؤلما.

المناسبة:

بعد أن أبطل الله تعالى حكم التبني الخاص وأن محمدا صلّى الله عليه وسلّم ليس أبا لزيد بن حارثة، أبان تعالى أن أبوة محمد صلّى الله عليه وسلّم عامة لكل الأمة، وأزواجه بالنسبة للرجال في حكم حرمة الأمهات، وهي أشرف من أبوة النسب؛ لأنها إنقاذ أبدي من

<<  <  ج: ص:  >  >>