للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بين عمر وشخص آخر، وآخى بين عثمان ورجل من بني زريق، وآخى بين الزبير وكعب بن مالك (١).

ويؤكد هذا المعنى

قول النبي صلّى الله عليه وسلّم فيما رواه الشيخان عن ابن عباس:

«لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية» والمراد: بطل حكم الهجرة وزالت الأحكام المترتبة عليها كالتوارث بها.

{إِلاّ أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً} أي ذهب الميراث بالتآخي، وبقي حكم الوصية والنصر والبر والصلة والإحسان، أي إلا أن توصوا إلى أصدقائكم الذين توالونهم وتودونهم من المؤمنين والمهاجرين وصية، والمعروف هنا:

الوصية، ومن المعلوم أن الدّين والوصية مقدّمان شرعا على الميراث، كما قال تعالى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ} [النساء ١١/ ٤].

ومعنى الآية: إن أوصيتم فغير الوارثين أولى، وإن لم توصوا فالوارثون أولى بميراثكم وبما تركتم.

{كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً} أي إن هذا الحكم (وهو أن أولي الأرحام بعضهم أولى ببعض) حكم من الله مقدر مكتوب في الكتاب الأول الذي لا يبدّل ولا يغير، وإن كان تعالى قد شرع خلافه في وقت ما، لمصلحة مؤقتة، وحكمة بالغة، وهو يعلم أنه سيغيره إلى ما هو جار في قدره الأزلي، وقضائه القدري التشريعي.

وبعد بيان مكانة النبي صلّى الله عليه وسلّم بين المؤمنين، أبان الله تعالى سمو مهمته وعلو منزلته في تبليغ الشرائع، والدعوة إلى دين الله ورسالة ربه، ووفائه بتلك المهمة، عملا بمقتضى ميثاق النبيين في أنهم يبلغون رسالات الله، وكأنه تعالى من بداية السورة إلى هنا قال لنبيه تعليما للأمة، اتق الله، ولا تخف أحدا، واذكر


(١) تفسير ابن كثير: ٤٦٨/ ٣

<<  <  ج: ص:  >  >>