للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكم قديم مسطور حين كتب الله ما هو كائن، وحين أخذ الله تعالى المواثيق من الأنبياء، وهو عهد وثيق عظيم على الوفاء بما التزموا من تبليغ الرسالة، وأن يصدق بعضهم بعضا.

وقد خص الله تعالى خمسة أنبياء بالذكر (وهم محمد ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى). تفضيلا لهم؛ لأنهم أولو العزم من الرسل وأئمة الأمم، ولأنهم أصحاب الشرائع والكتب. وقدّم محمدا صلّى الله عليه وسلّم في الذكر؛ لما

رواه ابن أبي حاتم عن أبي هريرة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سئل عن قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ..}. فقال: «كنت أولهم في الخلق، وآخرهم في البعث، فبدأ بي قبلهم» (١).

٨ - قوله تعالى: {لِيَسْئَلَ الصّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ} فيه أربعة أوجه (٢):

أحدها-ليسأل الأنبياء عن تبليغهم الرسالة إلى قومهم، وفي هذا تنبيه؛ أي إذا كان الأنبياء يسألون، فكيف من سواهم؟ الثاني-ليسأل الأنبياء عما أجابهم به قومهم.

الثالث-ليسأل الأنبياء عن الوفاء بالميثاق الذي أخذه عليهم.

الرابع-ليسأل الأفواه الصادقة عن القلوب المخلصة، كما قال تعالى:

{فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ، وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ} [الأعراف ٦/ ٧].

وفائدة سؤال الأنبياء: توبيخ الكفار، كما قال تعالى لعيسى عليه السلام:

{أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنّاسِ} [المائدة ١١٦/ ٥].


(١) لكن فيه راو ضعيف.
(٢) تفسير القرطبي: ١٢٨/ ١٤

<<  <  ج: ص:  >  >>