للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتزام ما أمر الله به من المعاشرة الحسنة، فتلك حدود الله، وأما إن ظنا حين المراجعة أنهما يعودان لما كان، من إضرار بها، أو نشوز منها، فالرجوع ممقوت عند الله، وإن صح قضاء.

ويلاحظ‍ أنه لم يقل: «إن علما أنهما يقيمان» لأن اليقين مغيب عنهما، لا يعلمه إلا الله عز وجل، ومن فسر الظن هاهنا بالعلم، فقد وهم من طريق اللفظ‍ والمعنى، لأنك لا تقول: علمت أن يقوم زيد، ولكن: علمت أنه قام، ولأن الإنسان لا يعلم ما في الغد، وإنما يظن ظنا (١).

أما نكاح التحليل المؤقت: وهو الذي يقصد به تحليل المرأة لزوجها الأول بشرط‍ أو اتفاق في العقد أو غيره بالنية، فهو زواج باطل غير صحيح، ولا تحل به المرأة للأول الذي طلقها، وهو معصية لعن الشرع فاعلها، سواء علم الزوج المطلّق أو جهل بذلك وهو رأي مالك وأحمد والثوري والظاهرية. وقال الحنفية والشافعية: هو صحيح مع الكراهة ما لم يشترط‍ التحليل في العقد.

والرأي الأول أصح وأحق بالاتباع، لما

روى أحمد والنسائي عن ابن مسعود، وابن ماجه عن عقبة بن عامر رضي الله عنهما أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:

«ألا أخبركم بالتيس المستعار؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: هو المحلّل، لعن الله المحلّل والمحلّل له».

وروى أبو إسحاق الجوزجاني عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سئل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن المحلّل، قال: «لا، إلا نكاح رغبة، لا دلسة ولا استهزاء بكتاب الله عز وجل، ثم تذوق العسيلة».

وروى ابن المنذر وابن أبي شيبة عن عمر رضي الله عنه أنه قال: لا أوتى بمحلّل ومحلّل له إلا رجمتهما، فسئل ابنه عن ذلك، فقال: كلاهما زان». وسأل


(١) الكشاف: ٢٧٩/ ١

<<  <  ج: ص:  >  >>