للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{أَجْرَمْنا} وقال في حقهم {عَمّا تَعْمَلُونَ} لئلا يحصل الإغضاب المانع من الفهم.

ثم أنذرهم الله تعالى بالقضاء والحكم الذي سيقضي به، تأكيدا للنظر والتفكر، في مجال الحساب والثواب والعذاب، فقال:

{قُلْ: يَجْمَعُ بَيْنَنا رَبُّنا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنا بِالْحَقِّ، وَهُوَ الْفَتّاحُ الْعَلِيمُ} أي قل لهم أيها الرسول أيضا. إن ربنا سيجمع بيننا في ساحة واحدة يوم الحساب، ويوم القيامة، ثم يحكم ويقضي بيننا بالحق والعدل، والله هو الحاكم العادل القاضي بالصواب، العالم بحقائق الأحوال والأمور، وبما يتعلق بحكمه من المصالح، فيجزي كل عامل بعمله، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر، وستعلمون يومئذ لمن العزة والنصرة والسعادة الأبدية، كما قال تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ، فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ، فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ. وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ، فَأُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ} [الروم ١٤/ ٣٠ - ١٦].

ثم تحداهم تعالى بالكشف عن الشركاء وقدراتهم، فقال:

{قُلْ: أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكاءَ، كَلاّ، بَلْ هُوَ اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} أي قل أيها النبي لهؤلاء المشركين قولا فصلا: أروني هذه الآلهة التي جعلتموها لله أندادا، وصيرتموها شركاء ونظراء معادلين لله، حتى أراهم، وأرى ما يقدرون عليه. الحق واضح، والأمر ليس كما تزعمون، كلا أي فارتدعوا عن ادعاء المشاركة، فلا نظير ولا شريك ولا عديل لله، بل هو الله الواحد الأحد، المتفرد بالألوهية، الذي لا شريك له، ذو العزة التي قد قهر بها كل شيء، وغلب كل شيء، الحكيم في أفعاله وأقواله وشرعه وقدره، حكمة باهرة لا يعلوها شيء. وهذا التساؤل يراد به بيان فائدة الشركاء في دفع الضرر، بعد إبطال فائدتها بآية

<<  <  ج: ص:  >  >>