للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرد الله عليهم مبطلا كون دينهم حقا، ومظهرا انعدام حجتهم في اتباعه، فقال:

{وَما آتَيْناهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَها، وَما أَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ} أي ما أنزل الله على العرب من كتاب قبل القرآن يقرر لهم دينا، وما أرسل إليهم نبيا قبل محمد صلّى الله عليه وسلّم يدعوهم إلى الحق، وينذرهم بالعذاب مع أنهم كانوا يقولون: لو جاءنا نذير أو أنزل علينا كتاب لكنا أهدى من غيرنا، فلما منّ الله عليهم بذلك كذبوه وجحدوه وعاندوه.

وإذا كان الدين الصحيح لا يعرف إلا بوحي من عند الله، وبكتاب ينزل على رسول، فإن ادعاء المشركين أن الشرك بالله وتقليد الأسلاف هو الدين الحق ادعاء باطل لا يعتمد على أساس ولا حجة.

ونظير الآية كثير منها: {أَمْ أَنْزَلْنا عَلَيْهِمْ سُلْطاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِما كانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ} [الروم ٣٥/ ٣٠] {أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ} [الزخرف ٢١/ ٤٣] {أَمْ لَكُمْ كِتابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ، إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَما تَخَيَّرُونَ} [القلم ٣٧/ ٦٨ - ٣٨].

ثم هددهم بعذاب مشابه لعذاب الأمم الظالمة من قبلهم، فقال:

{وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ، وَما بَلَغُوا مِعْشارَ ما آتَيْناهُمْ، فَكَذَّبُوا رُسُلِي، فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ} أي ولقد كذبت الرسل والوحي أمم سابقة من القرون الخالية كقوم نوح وعاد وثمود، وكانوا في الدنيا أشد قوة وبأسا من العرب، بل إن أهل مكة من مشركي قريش وغيرهم من العرب لم يبلغوا بقوتهم وكثرة ما لهم عشر ما آتينا من قبلهم من القوة وكثرة المال، فلم يدفع عنهم عذاب الله ولا رده، وإنما أهلكهم الله ودمرهم تدميرا، كما قال تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ، فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ، كانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ، وَأَشَدَّ قُوَّةً} [غافر ٨٢/ ٤٠].

<<  <  ج: ص:  >  >>