للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لاقربها، كما في الآية السابقة، لأن إمكان المراجعة لا يتأتى إلا في العدّة، قال الشافعي: دلّ سياق الكلامين على افتراق البلوغين. {فَلا تَعْضُلُوهُنَّ} الخطاب للأولياء، أي لا تمنعوهنّ من نكاح أزواجهنّ المطلقين لهنّ. والعضل: الحبس والتضييق والمنع. {إِذا تَراضَوْا} أي الأزواج والنساء.

{بِالْمَعْرُوفِ} شرعا. {ذلِكَ} النهي عن العضل. {يُوعَظُ‍ بِهِ} العظة: النّصح والتذكير بالخير، وكان مقتضى الظاهر: أن يقال: «ذلكم يوعظ‍ به»، لأنه يخاطب جماعة، وإنما قال:

{ذلِكَ يُوعَظُ‍ بِهِ} لكثرة تردده على ألسنة العرب في كلامها. {أَزْكى لَكُمْ وَأَطْهَرُ} أفضل وأطيب، من الزكاء: وهو النماء والبركة والخير، ومن الطّهر: وهو الطيب والنقاء. {وَاللهُ يَعْلَمُ} ما في ذلك من المصلحة والزكاء والطّهر. {وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} ذلك، فاتبعوا أمره.

سبب النزول:

نزول الآية (٢٣١):

أخرج ابن جرير الطبري عن ابن عباس قال: كان الرجل يطلق امرأته، ثم يراجعها قبل انقضاء عدّتها، ثم يطلقها، يفعل ذلك، يضارّها ويعضلها، فأنزل الله هذه الآية.

وأخرج الطبري عن السّدّي قال: نزلت في رجل من الأنصار يدعى ثابت بن يسار، طلّق امرأته، حتى إذا انقضت عدتها إلا يومين أو ثلاثة، راجعها، ثم طلّقها مضارّة، فأنزل الله: {وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا} (١).

وقوله تعالى: {وَلا تَتَّخِذُوا آياتِ اللهِ هُزُواً}

أخرج ابن أبي عمر في مسنده وابن مردويه عن أبي الدرداء، قال: كان الرجل يطلّق، ثم يقول: لعبت، ويعتق، ثم يقول: لعبت، فأنزل الله: {وَلا تَتَّخِذُوا آياتِ اللهِ هُزُواً} فقرأها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وقال: «ثلاث جدّهن جدّ وهزلهن جدّ: الطلاق والنكاح والرّجعة».

وقال أيضا: «من طلّق لاعبا، أو أعتق لاعبا، فقد جاز عليه».


(١) البحر المحيط‍: ٢٠٧/ ٢

<<  <  ج: ص:  >  >>