للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ} أي والذين جحدوا آيات الله في القرآن وبراهينه في الأكوان الدالة على وحدانية الله وعظيم قدرته وأنه مالك السموات والأرض ومدبرهما، أولئك هم الذين خسروا أنفسهم، وخلدوا في نار جهنم، جزاء كفرهم.

ثم أمر الله رسوله بتوبيخ المشركين على الدعوة لعبادة الأصنام، فقال:

{قُلْ: أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ} أي قل أيها الرسول لكفار قومك الذين دعوك إلى عبادة الأصنام قائلين: هو دين آبائك: أتأمروني أيها الجهلة بعبادة غير الله بعد أن قامت الأدلة القطعية على تفرده بالألوهية، فهو خالق الأشياء كلها وربها ومدبرها، فلا تصلح العبادة إلا له سبحانه.

{وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ، وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ} أي إن أمركم لعجيب، فلقد أوحي إلي وإلى من قبلي من الرسل أن الإله المعبود هو الله وحده لا شريك له، وأنه إذا أشرك نبي-على سبيل الفرض والتقدير-ليحبطن ويبطلن عمله، وليكونن من الذين خسروا أنفسهم، وضيعوا دنياهم وآخرتهم.

وإذا كان الشرك موجبا إحباط‍ عمل الأنبياء فرضا، فهو محبط‍ عمل غيرهم بطريق الأولى، كما قال تعالى: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ‍ عَنْهُمْ ما كانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام ٨٨/ ٦].

ثم انتقل من النهي عن الشرك إلى الأمر بعبادة الله وحده، فقال تعالى:

{بَلِ، اللهَ فَاعْبُدْ، وَكُنْ مِنَ الشّاكِرِينَ} أي أخلص العبادة لله وحده لا شريك له أنت ومن اتبعك وصدّقك، واعبده وحده، ولا تعبد معه أحدا سواه، وكن من الشاكرين إنعامه عليك بالتوفيق والهداية للإيمان بالله وحده، وتشريفك بالرسالة والدعوة إلى دين الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>