للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلق الأشياء وما فيها من القوى، وإن بطشه لشديد، فهو قادر على أن ينزل بهم من أنواع عقابه ما شاء بقوله: {كُنْ فَيَكُونُ} وهم يعرفون مدى أحقية آياتنا وثبوتها، ولكنهم يجحدون بها ويعصون الرسل، وينكرون معجزاتهم والأدلة الدامغة التي هي حجة عليهم.

ثم ذكر الله تعالى نوع عقابهم، فقال:

{فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيّامٍ نَحِساتٍ، لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا، وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى، وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ} أي فأرسلنا عليهم ريحا شديدة البرد وشديدة الصوت تحرق وتدمر ما أتت عليه في فترة أيام مشؤومات متتابعات، كما قال تعالى: {سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيّامٍ حُسُوماً} [الحاقة ٧/ ٦٩].

وغاية ذلك العذاب أن نذيقهم عذاب الذل والهوان في الدنيا بسبب استكبارهم، وإن عذاب الآخرة أشد إهانة وإذلالا من عذاب الدنيا، وهم لا يجدون ناصرا ينصرهم ولا دافعا يدفع عنهم العذاب، لا في الآخرة ولا في الدنيا.

ثم فصل تعالى جناية ثمود، فقال:

{وَأَمّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى} أي وأما قبيلة ثمود، فبيّنا لهم طريق الحق والهدى والنجاة، بإرسال الرسل إليهم، وبيان الأدلة الكونية من مخلوقات الله على توحيدنا، فاختاروا الكفر على الإيمان، وآثروا العصيان على الطاعة، وكذبوا رسولهم، وعقروا ناقة الله التي هي دليل صدق نبيهم.

فكان عذابهم ما أخبر عنه تعالى:

{فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ} أي فبعثنا عليهم

<<  <  ج: ص:  >  >>