للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس، وهو أشدّه عليّ، فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال، وأحيانا يتمثّل لي الملك رجلا، فيكلمني فأعي ما يقول.

قالت عائشة: ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد، فيفصم عنه، وإنّ جبينه ليتفصّد عرقا» أي يسيل عرقا.

ثم ذكر تعالى تشابه الوحي بين النّبي صلّى الله عليه وسلّم وبين الأنبياء السابقين، فقال:

{وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا} أي مثلما أوحينا إلى سائر الأنبياء، أوحينا إليك هذا القرآن، الذي هو من أمر الله، وهو روح، لأنه يهتدى به، ففيه حياة سعيدة بعد موت الكفر، وكان نزوله حدّا فاصلا بين عهدين، استيقظ‍ به العرب والمسلمون من رقدتهم، وصنعوا حضارة سامقة ومجدا.

{ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلا الْإِيمانُ، وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا} أي ما كنت أيها النّبي قبل إنزال الوحي عليك تعرف ما القرآن، ولا معنى الإيمان، ولا تفاصيل الشرائع، ولا تهتدي إلى معالمها الصحيحة، وخصّ الإيمان، لأنه رأس الشريعة.

ولكن جعلنا هذا القرآن الذي أوحيناه إليك ضياء ونورا نهدي به من نشاء هدايته، وتخرجه من ظلمات الجهالة والضلال إلى الهداية والمعرفة، ونرشده إلى الدين الحق، كما قال تعالى: {قُلْ: هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ} [فصّلت ٤٠/ ٤١]، وقال سبحانه: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الإسراء ٨٢/ ١٧]، وقال عزّ وجلّ: {يا أَيُّهَا النّاسُ قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ، وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [يونس ٥٧/ ١٠].

{وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ‍ مُسْتَقِيمٍ، صِراطِ‍ اللهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>