للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومع هذا ما رجعوا عن غيهم وضلالهم، فأخذناهم أخذ قهر بإنزال العذاب عليهم بسبب تكذيبهم بتلك الآيات، لكي يرجعوا عن كفرهم، ويؤمنوا بالله وحده لا شريك له، ويطيعوه فيما أمر ونهى.

وكانوا كلما جاءتهم آية يصفونها بالسحر وبأن موسى ساحر، كما قال تعالى:

{وَقالُوا: يا أَيُّهَا السّاحِرُ، اُدْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ، إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ} أي وقالوا يا أيها الساحر العالم-وكانوا يسمون العلماء سحرة تعظيما لهم-ادع لنا ربك لكشف العذاب عنا بما أخبرتنا به من عهده إليك أنا إذا آمنا كشف عنا العذاب، فإننا بعدئذ لمؤمنون بما جئت به.

{فَلَمّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ} أي فدعا موسى ربه، فكشف عنهم العذاب، فلما كشف عنهم العذاب، نقضوا عهدهم، وعادوا إلى كفرهم، كما جاء في آية أخرى: {فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ وَالْجَرادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ آياتٍ مُفَصَّلاتٍ، فَاسْتَكْبَرُوا، وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ. وَلَمّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قالُوا يا مُوسَى ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ، لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ، وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرائِيلَ. فَلَمّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلى أَجَلٍ هُمْ بالِغُوهُ، إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ} [الأعراف ١٣٣/ ٧ - ١٣٥].

ثم أخبر الله تعالى عن تمرد فرعون وعتوّه وكفره وعناده، فقال:

{وَنادى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قالَ: يا قَوْمِ، أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ، وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي، أَفَلا تُبْصِرُونَ}؟ أي لما خاف فرعون ميل القوم إلى موسى، فجمعهم ونادى بصوته فيهم مفتخرا، أو أمر مناديا ينادي بقوله: أليس لي ملك مصر العظيم، فلا ينازعني فيه أحد، والسلطة المطلقة لي، وأنهار النيل تجري من تحت قصري وبين يدي في جناتي، أفلا ترون ما أنا فيه من العظمة والملك، وتستدلون به على أحقيتي بالسلطة وفرض النظام، وتنظروا إلى فقر موسى

<<  <  ج: ص:  >  >>