للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَقالُوا: أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاّ جَدَلاً، بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ} أي وقال كفار قريش مجادلين بالباطل: آلهتنا ليست خيرا من عيسى، فإن كان كل من عبد من غير الله في النار، فنحن نرضى أن تكون آلهتنا مع عيسى وعزير والملائكة. وما ضربوا لك هذا المثل في عيسى إلا ليجادلوك، فهم قوم شديد والخصومة، كثير واللّدد والجدل.

أخرج الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه وابن جرير عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: «قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أورثوا الجدل، ثم تلا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هذه الآية:

{ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاّ جَدَلاً، بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ}».

ثم أبان الله تعالى أن عيسى عبد من عبيد الله، فقال:

{إِنْ هُوَ إِلاّ عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ، وَجَعَلْناهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائِيلَ} أي ما عيسى ابن مريم إلا عبد من عبيدنا أكرمناه وأنعمنا عليه بالنبوة والرسالة، وجعلنا آية وعبرة لبني إسرائيل، وبرهانا وحجة على قدرتنا على من نشاء، فإنا خلقناه من غير أب، وكان يحيي الموتى، ويبرئ الأكمه والأبرص وكل مريض بإذن الله، وخلقه أسهل من خلق آدم من غير أب ولا أم، قال الله تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ، خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ، ثُمَّ قالَ لَهُ: كُنْ فَيَكُونُ} [آل عمران ٥٩/ ٣]. والله قادر على كل شيء، ومن مظاهر قدرته:

{وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ} أي ولو نشاء أهلكناكم وجعلنا بدلا منكم ملائكة في الأرض يعمرونها يخلفونكم فيها. قال بعض النحويين: من: تكون للبدل، أي لجعلنا بدلكم ملائكة، مثل قوله تعالى:

{أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ} [التوبة ٣٨/ ٩] أي بدل الآخرة. والمراد بالآية التهديد والتخويف وبيان عجائب قدرة الله تعالى.

{وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسّاعَةِ، فَلا تَمْتَرُنَّ بِها، وَاتَّبِعُونِ، هذا صِراطٌ‍ مُسْتَقِيمٌ} أي

<<  <  ج: ص:  >  >>