للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحكموا أمرا في المكر بمحمد صلّى الله عليه وسلّم، فإنا نحكم أمرا في مجازاتهم، وإنا محكمون لهم كيدا، أي نبيّت لهم جزاء وعقابا شديدا، كما قال تعالى: {وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} [النمل ٥٠/ ٢٧] وقال سبحانه: {أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً، فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ} [الطور ٤٢/ ٥٢] وكل من الكيد والمكر يراد به العقاب من الله تعالى، جزاء على تحايلهم في رد الحق بالباطل، ورد وبال ذلك عليهم، وإحباطه، ولهذا قال تعالى:

{أَمْ يَحْسَبُونَ أَنّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ، بَلى وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ} أي بل أيظنون أننا لا نسمع سرهم وعلانيتهم، سواء ما يضمرونه من شر وسوء وكيد، أو ما يتناجون به فيما بينهم علانية لحبك المؤامرة، والتخطيط‍ لإنفاذها؟ بلى، نحن نسمع ذلك ونعلم به تماما، والملائكة الحفظة أيضا يكتبون جميع ما يصدر عنهم من قول أو فعل، صغير أو كبير: {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ، ما يَلْفِظُ‍ مِنْ قَوْلٍ إِلاّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق ١٧/ ٥٠ - ١٨].

قال يحيى بن معاذ: من ستر من الناس ذنوبه وأبداها للذي لا يخفى عليه شيء في السموات، فقد جعله أهون الناظرين إليه، وهو من علامات النفاق.

فقه الحياة أو الأحكام:

أبانت الآيات ما يأتي:

١ - إن جزاء الكفار الذين لم يؤمنوا بوجود الله ووحدانيته، ولم يصدقوا بالرسل والكتب الإلهية هو نار جهنم. وقد وصفهم الله تعالى بصفة المجرمين.

٢ - وصف تعالى عذاب جهنم بثلاث صفات: هي أولا-الخلود وهو في رأي الرازي: عبارة عن طول المكث، ولا يفيد الدوم، وثانيا-عدم التخفيف من العذاب، وثالثا-الإياس من الرحمة أو السكوت سكوت يأس.

<<  <  ج: ص:  >  >>