للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - {وَتَبارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما، وَعِنْدَهُ عِلْمُ السّاعَةِ، وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} أي تعاظم وتعالى وزادت خيراته وبركاته الله مالك السموات ومالك الأرض، وما بينهما من الفضاء والهواء وأنواع الحيوان والإنسان وخالق كل شيء، وهو المختص بعلم الوقت الذي تقوم فيه الساعة، وإليه مرجع ومصير الخلائق كلها، فيجازي كل إنسان بعمله، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.

وهذه صفات تتنافى كلها أيضا مع إثبات ولد لله، لأنه تعالى غير محتاج لمعونة أحد من خلقه، كما أن له السلطان المطلق في الحساب والجزاء في عالم القيامة، ولما نفى الله تعالى الولد أتبعه بنفي الشركاء، فقال مؤكدا عدم نفع الأصنام:

٣ - {وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفاعَةَ، إِلاّ ١ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ، وَهُمْ يَعْلَمُونَ} أي ولا تملك-ولا تقدر-الأصنام وكل معبود مدعو من دون الله الشفاعة عند الله كما يزعم عبادها أنهم يشفعون لهم، لكن من آمن وشهد بالحق على بصيرة ويقين بأن الله واحد لا شريك له، فإن شفاعته مقبولة عند الله بإذن الله. فقوله {وَهُمْ يَعْلَمُونَ} معناه: وهم على علم وبصيرة بما شهدوا به. وهذا دليل على أن إيمان المقلّد وشهادته غير معتبرين.

ثم أبان الله تعالى تناقض المشركين قائلا:

٤ - {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ فَأَنّى يُؤْفَكُونَ} أي وتا لله لئن سألت هؤلاء المشركين بالله العابدين معه غيره عمن خلقهم؟ لأجابوا بأنه الله، فهم يعترفون بأنه الخالق للأشياء، جميعها، ومع هذا يعبدون معه غيره ممن لا يملك شيئا، ولا يقدر على شيء، فكيف يصرفون عن العبادة الحقه عبادة الله إلى عبادة غيره، مع هذا الاعتراف؟ إنهم في هذا التناقض في غاية الجهل والسفاهة وسخافة


(١) استثناء منقطع بمعنى لكن، ويجوز أن يكون متصلا كما بينا.

<<  <  ج: ص:  >  >>