للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمور المستقبلة في الآخرة حق ثابت، وواقع لا محالة، والقيامة لا شك في وقوعها، فآمنوا بذلك، واعملوا لما ينجيكم من العذاب، قلتم: لا نعرف ما القيامة، إن نتوهم وقوعها إلا توهما مرجوحا أو ظنا لا يقين فيه ولا علم، وما نحن بمتحققين ولا موقنين أن القيامة آتية، أي كأنهم نفوا كل الظنون إلا الذي لا ثبوت علم فيه، وأكدوا هذا المعنى بقوله: {وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ}.

وبعد هذا التوبيخ والنقاش، ذكر الله تعالى ما يفاجؤون به من العذاب:

{وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا، وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ} أي وظهر لهم قبائح أعمالهم وعقوبة أفعالهم السيئة، وأحاط‍ بهم، ونزل عليهم جزاء أعمالهم بدخولهم النار، وعوقبوا بما كانوا يهزؤون به في دار الدنيا من العذاب والنكال، ويقولون: إنه أوهام وخرافات.

ثم أيأسهم تعالى من النجاة قائلا:

{وَقِيلَ: الْيَوْمَ نَنْساكُمْ كَما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا، وَمَأْواكُمُ النّارُ، وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ} أي ويقال لهم: اليوم نعاملكم معاملة الناسي لكم وكالشيء المنسي الملقى غير المبالى به، فنترككم في العذاب، كما تركتم العمل لهذا اليوم، وتجاهلتم ما جاء عنه في كتب الله، لأنكم لم تصدقوا باليوم الآخر، ومسكنكم ومستقركم الذي تأوون إليه هو النار، وليس لكم من أنصار ينصرونكم فيمنعون عنكم العذاب.

وبذلك جمع الله تعالى عليهم من وجوه العذاب الشديد ثلاثة ألوان هي:

الأول-أنه قطع رحمة الله تعالى عنهم بالكلية.

الثاني-أنه جعل مأواهم النار.

الثالث-فقدان الأعوان والأنصار.

<<  <  ج: ص:  >  >>