للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَيْدِيهِمْ} -أي بالضرب- {أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ، الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ غَيْرَ الْحَقِّ، وَكُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ} [الأنعام ٩٣/ ٦]. ومعنى الكلام التخويف والتهديد، أي إن تأخر عنهم العذاب فإلى انقضاء العمر.

وسبب هذه الأهوال ما قال تعالى: {ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا ما أَسْخَطَ‍ اللهَ، وَكَرِهُوا رِضْوانَهُ، فَأَحْبَطَ‍ أَعْمالَهُمْ} أي ذلك التوفي على الصفة المذكورة بسبب اتباعهم ما يسخط‍ الله من الكفر والمعاصي، وتآمرهم مع أعداء الله على معاداة ومحاربة النبي صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه، وكراهيتهم ما يرضي الله من الإيمان الحق والتوحيد والطاعة، فأبطل الله أعمالهم الخيرية بهذا السبب، ومنها ما قد عملوا من الخير قبل الردة، كالصدقة وعون البائس الفقير وإغاثة الملهوف، لأنهم فعلوه أثناء الشرك والكفر وأمر الشيطان، كما قال تعالى: {وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ، فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً} [الفرقان ٢٣/ ٢٥].

ثم وبخ الله تعالى المنافقين وهددهم على قصر نظرهم وعداوتهم للمؤمنين، فقال:

{أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللهُ أَضْغانَهُمْ} أي أيعتقد هؤلاء المنافقون الذين في قلوبهم شك ونفاق وحقد وعداوة للمؤمنين أن الله لا يكشف أمرهم لعباده المؤمنين ويبرز أحقادهم وعداواتهم؟! لا تظنوا هذا، فالله عالم الغيب والشهادة، يعلم السر وأخفى، فيوضح أمرهم ويجليه ويفضح شأنهم كما فعل في سورة براءة التي تسمى الفاضحة.

ثم أكد تعالى هذا المعنى بقوله:

{وَلَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ، وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ، وَاللهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ} أي ولو نشاء يا محمد لأعلمناك أشخاصهم، وعرّفناك أعيانهم معرفة

<<  <  ج: ص:  >  >>