للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان عدلا، لأنه إنما أمر المسلم في الآية بالتثبت عند نقل خبر الفاسق، ومن ثبت فسقه، بطل قوله في الأخبار إجماعا، لأن الخبر أمانة، والفسق قرينة يبطلها، فالفسق علة التبين، فإن لم يوجد لم يكن علة. واستثنى الإجماع والدعاوي والإنكار والإقرار لغيره بحق على نفسه وإثبات حق مقصود على الغير أي أمور المعاملات، كأن يقال: أرسل فلان إليك كذا أو هذا مالي، ولو كان المخبر كافرا. أما في الإنشاء على غيره فقال الشافعي وغيره: لا يكون الكافر وليا في النكاح. وقال أبو حنيفة ومالك: يكون وليا، لأنه يلي مالها، فيلي تزويجها، وإذا ولي المال فالنكاح أولى، وهو وإن كان فاسقا في دينه إلا أن غيرته موفّرة، وبها يحمي الحريم. ويرى الحنفية قبول شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض. والخلاصة: أن مراد الآية في الشهادات وإلزام الحقوق وإثبات أحكام الدين في غير الاعتقاد.

٣ - استدل بعضهم بالآية على أن الفاسق أهل للشهادة، وإلا لم يكن للأمر بالتبين فائدة، كما قال الألوسي. ومذهب الحنفية: أن الفاسق لا تقبل شهادته، وإن كان أهلا لها، ولو قضى بها القاضي كان عاصيا، وينفذ قضاؤه (١).

٤ - استدل الحنفية بالآية على قبول خبر الواحد المجهول الحال، لأن الآية دلت على أن الفسق شرط‍ وجوب التثبت والتبين، فيقتصر فيه على محل وروده، ويبقى ما وراءه على الأصل، وهو القبول.

٥ - في الآية أيضا دلالة على أن خبر الواحد لا يوجب العلم (أي اليقين) بدليل وجوب التثبت فيه، إذ لو كان يوجب العلم بحال، لما احتيج فيه إلى التثبت (٢).


(١) أحكام القرآن للجصاص: ٣٩٨/ ٣
(٢) المرجع السابق: ص ٣٩٩

<<  <  ج: ص:  >  >>