للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإيمان، خلافا للمعتزلة والخوارج القائلين بأن مرتكب الكبيرة كافر وهو في النار.

وثبت في صحيح البخاري عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خطب يوما، ومعه على المنبر الحسن بن علي رضي الله عنهما، فجعل ينظر إليه مرة، وإلى الناس أخرى، ويقول: «إن ابني هذا سيّد، ولعل الله تعالى أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين». فكان كما قال صلّى الله عليه وسلّم أصلح الله تعالى به بين أهل الشام وأهل العراق بعد الحروب الطويلة.

{فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى، فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ} أي فإن اعتدت وتجاوزت الحد إحدى الفئتين على الأخرى، ولم تذعن لحكم الله وللنصيحة، فعلى المسلمين أن يقاتلوا هذه الطائفة الباغية، حتى ترجع إلى حكم الله وما أمر به من عدم البغي. والقتال يكون بالسلاح وبغيره، يفعل الوسيط‍ ما يحقق المصلحة، وهي الفيئة، فإن تحقق المطلوب بما دون السلاح كان مسرفا في الزيادة، وإن تعين السلاح وسيلة فعل حتى الفيئة.

{فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} أي رجعت الفئة الباغية عن بغيها، بعد القتال، ورضيت بأمر الله وحكمه، فعلى المسلمين أن يعدلوا بين الطائفتين في الحكم، ويتحروا الصواب المطابق لحكم الله، ويأخذوا على يد الطائفة الظالمة حتى تخرج من الظلم، وتؤدي ما يجب عليها للأخرى، حتى لا يتجدد القتال بينهما مرة أخرى.

واعدلوا أيها الوسطاء في الحكم بينهما، إن الله يحب العادلين ويجازيهم أحسن الجزاء. وهذا أمر بالعدل في كل الأمور.

أخرج ابن أبي حاتم والنسائي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: إن

<<  <  ج: ص:  >  >>