للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويجوز أن يراد إيمان الذرية الداني المحل، كأنه قال: بشيء من الإيمان لا يؤهلهم لدرجة الآباء ألحقناهم بهم (١).

وروى الحافظ‍ الطبراني عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا دخل الرجل الجنة، سأل عن أبويه وزوجته وولده، فيقال: إنهم لم يبلغوا درجتك، فيقول: يا ربّ، قد عملت لي ولهم، فيؤمر بإلحاقهم به». وقرأ ابن عباس:

{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ} الآية.

وهذا فضله تعالى على الأبناء ببركة عمل الآباء، وفضله على الآباء ببركة دعاء الأبناء،

أخرج الإمام أحمد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة، فيقول: يا ربّ أنى لي هذه؟ فيقول:

باستغفار ولدك لك»

وله شاهد في صحيح مسلم عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له».

{وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} أي وما نقصنا الآباء بإلحاق ذريتهم بهم من ثواب أعمالهم شيئا.

{كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ} أي كل إنسان مرتهن يوم القيامة بعمله، فلا يتحمل أحد ذنب آخر سواء كان أبا أو ابنا، كما أن الرهن لا ينفك ما لم يؤدّ الدين، فإن كان العمل صالحا فكّه ونجاه، لأن الله يقبله، وإن كان صالحا أهلكه.

ونظير الآية كثير في القرآن، مثل: {كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ، إِلاّ أَصْحابَ الْيَمِينِ} [المدثر ٣٨/ ٧٤ - ٣٩] أي كل نفس مرهونة بعملها، لا يفك رهنها إلا أصحاب اليمين بعملهم الطيب.


(١) تفسير الكشاف: ١٧٣/ ٣

<<  <  ج: ص:  >  >>