للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصبيانها، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كم من عذق (١) رداح في الجنة لأبي الدّحداح».

ثم أخبر الله تعالى عن حال المؤمنين المتصدقين يوم القيامة، فقال:

{يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ} أي وله أجر كريم، أو اذكر تعظيما لذلك اليوم (٢) حين تنظر المؤمنين والمؤمنات الذين تصدقوا يسعى الضياء الذي يرونه على الصراط‍ يوم القيامة أمامهم، وتكون كتبهم بأيمانهم، أي تكون أعمالهم الصالحة سببا لنجاتهم، وهدايتهم إلى الجنة، كما قال تعالى: {فَأَمّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً، وَيَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً} [الانشقاق ٨/ ٨٤ - ٩]. وإنما قال: {بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ} لأن ذلك أمارة النجاة.

والناس كما قال ابن مسعود في هذه الآية على قدر أعمالهم يمرون على الصراط‍، منهم من نوره مثل الجبل، ومنهم من نوره مثل النخلة، ومنهم من نوره مثل الرجل القائم، وأدناهم نورا من نوره في إبهامه، يتّقد مرة، ويطفأ مرة (٣). و

قال قتادة: ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: «من المؤمنين من يضيء نوره من المدينة إلى عدن أبين وصنعاء، فدون ذلك، حتى إن من المؤمنين من يضيء نوره موضع قدميه».

{بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ، خالِدِينَ فِيها، ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} أي ويقال لهم من قبل الملائكة: لكم البشارة بجنات تجري من تحتها الأنهار ماكثين فيها أبدا، تكريما وجزاء وفاقا لما قدمتم من صالح الأعمال،


(١) العذق: النخلة بحملها، والرداح: المثمر.
(٢) يوم: ظرف لقوله: وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ أو منصوب ب «اذكر»، تعظيما لذلك اليوم.
(٣) رواه ابن أبي حاتم وابن جرير.

<<  <  ج: ص:  >  >>