للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إسلامنا وبين أن عوتبنا بهذه الآية إلا أربع سنين (١). وقال ابن عباس: إنه عاتبنا على رأس ثلاث عشرة سنة.

المناسبة:

بعد بيان حال المؤمنين وحال المنافقين يوم القيامة، أتبعه بندب المؤمنين الذين فترت عزائمهم إلى الخشوع وخشية القلب ولينه بسماع مواعظ‍ القرآن وإرشاداته، وحذرهم من مماثلة أهل الكتاب الذين قست قلوبهم لطول العهد بينهم وبين أنبيائهم، فأهملوا أوامر الدين ونواهيه، ثم ذكر الفرق بين جزاء المتصدقين والمؤمنين وجزاء الكافرين.

التفسير والبيان:

{أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ} أي ألم يحن الوقت لأن تلين قلوب المؤمنين وترقّ عند سماع تذكير الله ووعظه وقرآنه، فتفهمه وتنقاد له وتسمع أوامره وتطيعه وتجتنب نواهيه؟ روى ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: إن الله استبطأ قلوب المؤمنين، فعاتبهم على رأس ثلاث عشرة من نزول القرآن، فقال: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ} الآية. والظاهر أن هذا القول أصح من غيره، لأن السورة مدنية.

ثم نهاهم عن مماثلة أهل الكتاب، فقال:

{وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ، فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ، فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ، وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ} أي ولا يتشبهوا بحملة الكتاب من قبلهم من اليهود والنصارى الذين أوتوا التوراة والإنجيل من قبل نزول القرآن، حين طالب


(١) رواه مسلم والنسائي وابن ماجه والبزار.

<<  <  ج: ص:  >  >>