للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَإِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ} يعفو عن المظاهر ويغفر له إذا تاب وأدى الكفارة، كما أنه سبحانه غفور لكل من أذنب وعصى مطلقا إذا تاب وأناب.

{ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا} أي عدلوا عن قصد التحريم، وذلك عند الشافعي بإمساك المظاهر منها في الزواج زمانا يمكنه مفارقتها فيه، وعند أبي حنيفة: باستباحة استمتاعها ولو بنظرة شهوة، وعند مالك: بالعزم على الجماع، وعند الحسن البصري وأحمد: بالجماع. {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} أي فعليهم، أو فالواجب إعتاق رقبة: عبد أو أمة، والفاء للسببية الدالة على تكرر وجوب التحرير بتكرر الظهار. ويجب أن تكون الرقبة مؤمنة عند الجمهور غير الحنفية قياسا على كفارة القتل الخطأ. {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسّا} أي من قبل استمتاع أحدهما بالآخر، لعموم اللفظ‍، وفيه دليل على حرمة المتعة أو الزواج قبل التكفير.

{فَمَنْ لَمْ يَجِدْ} الرقبة أو ثمنها. {فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسّا} أي فالواجب صوم شهرين متواليين، فإن أفطر بغير عذر لزمه الاستئناف، وإن أفطر بعذر ففيه خلاف، وإن جامع المظاهر منها ليلا لم ينقطع التتابع عند الشافعية، خلافا لأبي حنيفة ومالك.

{فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ} أي الصوم لهرم أو مرض مزمن أو شبق مفرط‍ إلى النساء. {فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً} لكل مسكين عند الشافعية: مدّ من غالب قوت البلد، وهو رطل وثلث، كالفطرة، وعند الحنفية: نصف صاع من برّ أو صاع من تمر أو شعير، وذلك من قبل التّماس أو الاستمتاع، وإنما لم يذكر التّماس مع الإطعام اكتفاء بذكره مع الخصلتين الأخريين: العتق والصيام.

{ذلِكَ} البيان أو التعليم للأحكام، والتخفيف في الكفارة. {لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ} أي فرض ذلك لتصدقوا بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم في قبول شرائعه، ورفض أعراف الجاهلية. {وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ} أحكام شريعته، لا يجوز تعدّيها. {وَلِلْكافِرِينَ} أي الذين لا يقبلون تلك الأحكام.

{عَذابٌ أَلِيمٌ} عذاب مؤلم، كما قال تعالى: {وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ} [آل عمران ٩٧/ ٣].

سبب النزول:

نزول الآية (١) وما بعدها:

{قَدْ سَمِعَ.}.:

أخرج الحاكم وصححه عن عائشة قالت: تبارك الذي وسع سمعه كل شيء، إني لأسمع كلام خولة بنت ثعلبة، ويخفى علي بعضه، وهي تشتكي زوجها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقول: يا رسول الله، أكل شبابي، ونثرت له بطني، حتى إذا كبرت سنّي وانقطع ولدي، ظاهر مني، اللهم إني

<<  <  ج: ص:  >  >>