للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علينا رسول الله صلى الله عليه وسلّم حتى ختمها. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس نحوه، قال:

كان ناس من المؤمنين قبل أن يفرض الجهاد يقولون: لوددنا أن الله دلنا على أحب الأعمال إليه، فنعمل به، فأخبر الله نبيه أن أحب الأعمال إليه إيمان بالله لا شك فيه، وجهاد لأهل معصيته الذين جحدوا الإيمان به، وإقرار برسالة نبيه صلى الله عليه وسلّم، فلما نزل الجهاد، كره ذلك ناس من المؤمنين، وشق عليهم أمره، فأنزل الله الآية (١).

ويؤيد ذلك قول عبد الله بن رواحة: لو علمنا أحب الأعمال إلى الله، لعملناه، فلما نزل الجهاد كرهوه.

التفسير والبيان:

{سَبَّحَ لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ، وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} أي نزّه الله ومجده لعظمته وقدرته ووحدانيته وجميع صفات كماله جميع ما في السموات وما في الأرض من العقلاء وغير العقلاء، وهو القوي الغالب القاهر فوق عباده الذي لا يغالب، الحكيم في أفعاله وأقواله، وفي تدبير خلقه وتصريف أمورهم وإرشادهم.

وفيه الإرشاد إلى مشروعية التسبيح في كل الأوقات، ثم أرشد خلقه إلى فضائل الأخلاق والأعمال، فقال:

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ} أي يا أيها المؤمنون بالله ورسوله، لأي شيء تقولون قولا وتخالفونه عملا. وهذا إنكار على من يعد وعدا، أو يقول قولا لا يفي به، قال ابن كثير: ولهذا استدل بهذه الآية الكريمة من ذهب من علماء السلف إلى أنه يجب الوفاء بالوعد مطلقا، سواء ترتب عليه غرم للموعود أم لا، واحتجوا أيضا من السنة بما

ثبت في الصحيحين أن


(١) تفسير ابن كثير: ٣٥٨/ ٤

<<  <  ج: ص:  >  >>